سبيل كرامته ، ولا يخضع لحكم الدعي ابن الدعي ، وقد بعث عمر بن سعد رجلا من أصحابه فناداه :
«ان لك قرابة بامير المؤمنين ـ يعني يزيد ـ ونريد أن نرعى هذا الرحم ، فان شئت آمناك؟»
فسخر منه علي بن الحسين وصاح به :
«لقرابة رسول اللّه احق ان ترعى» (١)
وكان من ابر ابناء الامام واكثرهم مواساة وحرصا عليه ، وهو أول من اندفع بحماس بالغ من الهاشميين إلى الحرب ، وكان عمره فيما يقول المؤرخون ثماني عشرة سنة (٢) ، فلما رآه الامام اخذ يطيل النظر إليه ، وقد ذابت نفسه حزنا واشرف على الاحتضار ، لأنه رأى ولده الذي لا ند له قد ساق نفسه إلى الموت ، فرفع شيبته الكريمة نحو السماء وراح يقول بحرارة وألم ممض :
«اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس برسولك محمد (ص) خلقا وخلقا ومنطقا ، وكنا إذا اشتقنا الى رؤية نبيك نظرنا إليه ... اللهم امنعهم بركات الأرض ، وفرقهم تفريقا ، ومزقهم تمزيقا ، واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترضي الولاة عنهم أبدا ، فانهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا».
ويلمس في هذه الكلمات الحزينة مدى اساه على ولده الذي استوعب
__________________
(١) نسب قريش (ص ٥٧)
(٢) الفتوح ٥ / ٢٠٧ وقيل كان عمره ثلاثا وعشرين سنة كما في عمدة الطالب (ص ١٨٢) وقيل كان عمره سبعا وعشرين سنة حسب ما ذكره المقرم في مقتل الحسين.