فليس هناك حادث في التأريخ يفوق في كوارثه وآلامه تلك المشاهد الحزينة التي تم تمثيلها يوم عاشوراء (١) على صعيد كربلا ، فلم تبق محنة من محن الدنيا ولا غصة من غصص الدهر إلا جرت على ريحانة رسول اللّه (ص) يقول الامام زين العابدين (ع) :
«ما من يوم أشد على رسول اللّه (ص) من يوم أحد قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد اللّه ، وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب ، ثم قال : ولا يوم كيوم الحسين ازدلف إليه ثلاثون الف رجل يزعمون انهم من هذه الأمة كل يتقرب الى اللّه عز وجل بدمه ، وهو باللّه يذكرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا» (٢).
وبدأ الامام العظيم في فجر اليوم العاشر بالصلاة ، وكان فيما يقول المؤرخون : قد تيمم هو واصحابه للصلاة نظرا لعدم وجود الماء عندهم وقد آتم به أهله وصحبه (٣) وقبل أن يتموا تعقيبهم دقت طبول الحرب من معسكر ابن زياد ، واتجهت فرق من الجيش وهي مدججة بالسلاح تنادي بالحرب أو النزول على حكم ابن مرجانة.
__________________
(١) عاشوراء : اسم لليوم العاشر من المحرم ، قيل ان التسمية قديمة وانما سمي بذلك لاكرام عشرة من الأنبياء فيه بعشر كرامات ، جاء ذلك في الأنوار الحسينية (ص ٢٢) للبلاوي.
(٢) بحار الأنوار ٩ / ١٤٧.
(٣) حجة السعادة في حجة الشهادة لاعتماد السلطنة حسن بن علي ، فارسي ترجمه إلى اللغة العربية الامام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء وهو من مخطوطات مكتبته العامة.