وسارع ابن سعد قائلا بلا تردد ليظهر امام قادة الفرق اخلاصه لسيده ابن مرجانة.
«أي واللّه قتالا أيسره أن تسقط فيه الرءوس وتطيح الأيدي»
فقال له الحر :
«انما لكم في واحدة من الخصال التي عرضها عليكم رضا؟»
واندفع ابن سعد قائلا :
«لو كان الأمر لي لفعلت ولكن اميرك أبى ذلك»
ولما أيقن ان القوم مصممون على حرب الامام مضى يشق الصفوف وقد سرت الرعدة بأوصاله فانكر ذلك المهاجر بن أوس وهو من أصحاب ابن زياد فقال بنبرة المستريب منه :
«واللّه إن أمرك لمريب ، واللّه ما رأيت منك في موقف قط مثل ما أراه الآن ، ولو قيل لي : من اشجع أهل الكوفة لما عدوتك؟»
وكشف له عن حقيقة حاله واطلعه على ما صمم عليه قائلا :
«إني واللّه اخير نفسي بين الجنة والنار ، ولا اختار على الجنة شيئا ولو قطعت واحرقت ..».
وألوى بعنان فرسه صوب الامام (١) وهو مطرق برأسه الى الأرض حياء وتدما ، فلما دنا من الامام رفع صوته قائلا :
«اللهم إليك أنيب فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك ..
يا أبا عبد اللّه إني تائب فهل لي من توبة؟».
ونزل عن فرسه فوقف قبال الامام ودموعه تتبلور على وجهه ، وجعل يخاطب الامام ويتوسل إليه.
__________________
(١) الطبري ٦ / ٢٤٤ ، الكامل ٣ / ٢٨٨