اما واللّه لا تلبثون بعدها الا كريثما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى ، وتقلق بكم قلق المحور عهد عهده إلي ابي عن جدي رسول اللّه (ص) «فأجمعوا امركم وشركاءكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون اني توكلت على اللّه ربي وربكم ما من دابة الا وهو آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم ، ورفع يديه بالدعاء عليهم قائلا :
«اللهم احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسني يوسف وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة فانهم كذبونا وخذلونا ، وأنت ربنا عليك توكلت وإليك المصير» (١).
لقد انفجر الامام بهذا الخطاب كما ينفجر البركان ، وقد أبدى من صلابة العزم وقوة الارادة ما لم يشاهد مثله وقد حفل خطابه بالنقاط التالية :
أولا ـ : انه أوغل في تأنيبهم بشدة لما أبدوه من التناقض في سلوكهم فقد هبوا إليه يستنجدون ويستغيثون به لينقذهم من ظلم الأمويين وجورهم فلما خف لانقاذهم انقلبوا عليه ، وسلوا عليه سيوفهم التي كان من الواجب أن تسل على أعدائهم الذين بالغوا في اذلالهم وارغامهم على ما يكرهون.
ثانيا ـ : انه ابدى أسفه البالغ على دعمهم للحكم الاموي في حين انه لم يبسط فيهم عدلا او يشيع فيهم حقا ، أو يكون لهم أي أمل أو رجاء فيه.
ثالثا ـ : انه شجب الصفات الماثلة فيهم والتي كانوا بها من احط شعوب الأرض فهم عبيد الامة وشذاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب وعصبة الاثم إلى غير ذلك من نزعاتهم الشريرة.
__________________
(١) تأريخ ابن عساكر ١٣ / ٧٤ ـ ٧٥.