في طليعة اسرته ، ومن افذاذهم وهو الذي حمل رسالة مسلم الى الحسين التي يطلب فيها قدومه الى العراق ، وظل ملازما للامام من مكة إلى كربلا وكان من ألمع أصحابه في الولاء والاخلاص له ، وقد تقدم إليه يطلب منه الاذن في القتال وخاطب الامام فأعرب له بما يحمله في نفسه من الولاء العميق قائلا :
«ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز علي منك ، ولو قدرت أن أدفع الضيم عنك بشيء اعز علي من نفسي لفعلت السلام عليك اشهد اني على هداك وهدى أبيك» (١).
ثم هجم على معسكر ابن سعد ، وطلب منهم المبارزة فلم يجبه أحد فقد جبنوا جميعا عن مقابلته لأنهم كانوا يعرفونه من اشجع الناس ، فجعلوا يتصايحون وقد ملأ الذعر قلوبهم واختطف الخوف الوانهم قائلين :
«هذا اسد الاسود ، هذا ابن أبي شبيب لا يخرجن إليه أحد منكم ..».
وصاح ابن سعد بجيشه :
«ارضخوه بالحجارة»
وعمدوا إلى الحجارة فجعلوا يرضخونه بها من كل جانب ، ولما رأى البطل جبنهم واحجامهم عن مقابلته القى درعه ومغفره وشد عليهم كالليث فكان يطرد ما بين يديه أكثر من مائة فارس ثم انعطفوا عليه من كل جانب فأردوه صريعا ، واحتزوا رأسه الشريف ، وجعلوا يتخاصمون فيما بينهم كل واحد منهم يدعي انه قتله ليحظى بالجائزة وانكر ابن سعد أن يكون قد قتله واحد منهم وانما اشترك في قتله جماعة منهم (٢) وقد انتهت بذلك حياة
__________________
(١) انساب الأشراف ق ١ ج ١
(٢) تأريخ الطبري ٦ / ٢٥٤