في حياته ، ولا عند مماته ، حتى قبضه اللّه تعالى إليه محمود النقيبة ، طيب العريكة ، معروف المناقب ، مشهور المذاهب ، لم تأخذه في اللّه سبحانه لومة لائم ، ولا عذل عاذل ، هديته اللهم للاسلام صغيرا ، وحمدت مناقبه كبيرا ، ولم يزل ناصحا لك ، ولرسولك ، زاهدا في الدنيا ، غير حريص عليها ، راغبا في الآخرة ، مجاهدا لك في سبيلك ، رضيته فاخترته وهديته الى صراط مستقيم.
أما بعد : يا أهل الكوفة ، يا أهل المكر والغدر والخيلاء ، فانا أهل بيت ابتلانا اللّه بكم ، وابتلاكم بنا ، فجعل بلاءنا حسنا ، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا ، فنحن عيبة علمه ، ووعاء فهمه ، وحكمته وحجته على الأرض في بلاده لعباده ، اكرمنا اللّه بكرامته ، وفضلنا بنبيه محمد (ص) على كثير ممن خلق اللّه تفضيلا ... فكذبتمونا وكفرتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالا واموالنا نهبا ، كأننا أولاد ترك أو كابل ، كما قتلتم جدنا بالأمس ..
وسيوفكم تقطر من دمائنا اهل البيت ، لحقد متقدم ، قرت لذلك عيونكم وفرحت قلوبكم افتراء على اللّه ، ومكرا مكرتم ، واللّه خير الماكرين ، فلا تدعونكم انفسكم الى الجذل بما أصبتم من دمائنا ، ونالت أيديكم من أموالنا فان ما أصابنا من المصائب الجليلة ، والرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها ، إن ذلك على اللّه يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ، ولا تفرحوا بما أتاكم واللّه لا يحب كل مختال فخور.
تبا لكم فانظروا اللعنة والعذاب ، فكأن قد حل بكم ، وتواترت من السماء نقمات ، فيسحتكم بعذاب ، ويذيق بعضكم بأس بعض ، ثم تخالدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا ألا لعنة اللّه على الظالمين.
ويلكم أتدرون أية يد طاعتنا منكم ، واية نفس نزعت الى قتالنا ، أم بأية رجل مشيتم إلينا ، تبغون محاربتنا ، قست قلوبكم ، وغلظت أكبادكم