وطبع اللّه على افئدتكم ، وختم على سمعكم وبصركم ، وسول لكم الشيطان واملى لكم ، وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون.
تبا لكم يا أهل الكوفة أي تراث لرسول اللّه قبلكم ، وذحول له لديكم بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب جدي وبنيه ، وعترته الطيبين الأخيار ، وافتخر بذلك مفتخركم :
قد قتلنا عليكم وبنيه |
|
بسيوف هندية ورماح |
وسبينا نساءهم سبي ترك |
|
ونطحناهم فأي نطاح |
بفيك أيها القائل الكثث والاثلب (١) افتخرت بقتل قوم زكاهم اللّه وطهرهم واذهب عنهم الرجس ، فاكظم وأقع كما أقعى ابوك فإنّما لكل امرئ ما اكتسب وما قدمت يداه.
حسدتمونا ويلا لكم على ما فضلنا اللّه تعالى ، ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم ، ومن لم يجعل اللّه له نورا فما له من نور ...) (٢).
وتحدثت سليلة النبوة والامامة في خطابها العظيم عن أمور بالغة الأهمية وهي :
١ ـ انها عرضت لمحنة جدها الامام امير المؤمنين رائد الحق والعدالة في الأرض ، وما عاناه من المحن والمصاعب حتى استشهد في بيت من بيوت اللّه ، ولم يدفع عنه المجتمع الكوفي ولم يقف إلى جانبه وانما تركوه وحده يصارع الاهوال حتى قبضه اللّه إليه وهو جم المناقب ، محمود النقيبة طيب العريكة ، قد اصطفاه اللّه ، وخصه بالفضائل والمواهب.
__________________
(١) الكثث : التراب ، الأثلب : فتات الحجارة والتراب
(٢) اللهوف لابن طاوس ، ومثير الأحزان لابن نما ، مقتل الحسين لعبد اللّه.