الفراعل (١) ولئن اتخذتنا مغنما ، لتجدنا وشيكا مغرما ، حين لا تجد الا ما قدمت يداك وما ربّك بظلام للعبيد ، والى اللّه المشتكى وعليه المعول :
فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جاهدك. فو اللّه لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ولا يرخص عنك عارها ، وهل رأيك الا فند وأيامك إلا عدد ، وجمعك الا بدد ، يوم ينادي المنادي الا لعنة اللّه على الظالمين.
والحمد للّه رب العالمين ، الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة ، ونسأل اللّه أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة انه رحيم ودود ، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل» (٢)
وهذا الخطاب أروع خطاب أثر في الاسلام ، وهو من متممات النهضة الحسينية الخالدة ، فقد دمرت فيه حفيدة الرسول (ص) جبروت الطاغية ، والحقت به الهزيمة والعار ، وعرفته ان دعاة الحق لا تنحني جباههم امام الطغاة والظالمين ، يقول الامام كاشف الغطاء رحمه اللّه :
«أتستطيع ريشة أعظم مصور وابدع ممثل أن يمثل لك حال يزيد وشموخه بأنفه وزهوه بعطفه وسروره وجذله بانساق الأمور ، وانتظام الملك ولذة الفتح والظفر والتشفي والانتقام ـ بأحسن من ذلك التصوير والتمثيل ـ وهل في القدرة والامكان لأحد أن يدفع خصمه بالحجة والبيان والتقريع والتأنيب. ويبلغ ما بلغته سلام اللّه عليها بتلك الكلمات وهي على الحال الذي عرفت ثم لم تقتنع منه بذلك حتى ارادت أن تمثل له وللحاضرين
__________________
(١) الفراعل : جمع فرعل ولد الضبع
(٢) اعلام النساء ٢ / ٥٠٤ ، بلاغات النساء (ص ٢١) مقتل الخوارزمي ٢ / ٦٤ ، السيدة زينب واخبار الزينبيات (ص ٨٦) الحدائق الوردية ١ / ١٢٩ ـ ١٣١ ، اللهوف (ص ٧٩ ـ ٨٠).