.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّها تدلّ على أنّ الممنوع إنّما هو إتيان النساء زمان حيضهن وفي تلك الحالة ، وأمّا في غيرها فيجوز إتيان الزوجة في أي وقت شاء الرجل.
على أنّه لو سلمنا كونها مكانية ، فهي لا تدلّ على جواز إتيان المرأة في كل عضو وكل مكان في بدنها ، بحيث يقال بجواز إتيانها في اذنها أو فمها أو أنفها ، بل هي إنّما تدل على عدم اختصاص الجواز بمكان خارجي دون آخر ، كما هو أوضح من أن يخفى.
على أنّ كلمة ال «حَرْث» المذكورة تدلّ بوضوح على اختصاص جواز الوطء بالقبل ، فإنّه محل الحرث دون غيره ، فالأمر بإتيان الحرث أمر بإتيانهن من القبل ، كما يظهر ذلك بملاحظة الأمثلة العرفية. فإنّ المولى إذا أعطى الحب لعبده وأمره بحرثه أينما شاء ، أفهل يحتمل أن يكون مراده وضعه في أي مكان كان ولو في البحر أو النهر؟ كلّا فإنّ من الواضح اختصاص ذلك بما يقبل الحرث والزرع وليس ذلك سوى الأرض.
وعليه فيظهر أنّه لا مجال لاستفادة الجواز من هذه الآية.
وفي قبال هذا القول فقد استدلّ للحرمة بقوله تعالى (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ).
بدعوى انّها تدل على عدم جواز الوطء في الدبر ، لأنّه ليس مما أمر به الله سبحانه ، بل الذي أمر به على ما عرفت من قوله تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ) هو إتيانهنّ في القبل ، لأن القيد وإن لم يكن له مفهوم على ما تقرر في الأُصول إلّا أنّه لما كان ظاهراً في الاحتراز استفيد منه عدم ثبوت الحكم أعني الجواز في المقام لمطلق الإتيان والوطء ، فلا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن وهو الإتيان في غير الدّبر ، فلا يكون الإتيان في الدّبر مما أمر به الله سبحانه.
وأمّا المقام الثاني : فالنصوص الواردة فيه على طائفتين :
الأُولى : ما تدلّ على الجواز.
الثانية : ما تدلّ على عدم الجواز.
أمّا الطائفة الأُولى : فهي عدّة روايات إلّا أنّ أكثرها ضعيفة سنداً ، بل بعضها مقطوعة البطلان ، على ما سيأتي توضيحه.