.................................................................................................
______________________________________________________
وعلى هذا فقد يلتزم بالبطلان في الجميع فيما نحن فيه حيث لا ترجيح في البين ولا يمكن الجمع بينهن ، إلّا أنّه غير صحيح إذ لا مقتضي للبطلان بعد ما كان العقد صحيحاً وكانت الزوجية ثابتة ، فإنّ الفرق بين هذه المسألة ومسألة الجمع بينهن ابتداءً واضح ، حيث كانت القاعدة كما تقدم تقتضي البطلان في الثانية بخلاف ما نحن فيه حيث وقعت العقود في وقتها صحيحة ، غاية الأمر أنّ الجمع بينهن بقاءً غير ممكن.
إلّا أنّه لما كان من الواضح أنّ الذي لا يمكن بقاؤه إنّما هو الزائد عن الاثنتين لا كل واحدة منهن ، فلا بدّ بحسب ما تقتضيه الأدلة الحكم ببطلان عقد الزائد عن الاثنتين وصحة عقدهما. ولا يقدح في ذلك كونهن لا تعيين لهنّ ، إذ لا تعيين للاثنتين المحكوم بصحة نكاحهما عن الزائد عنهما المحكوم بفساد نكاحها ، فإنّه لا مانع من الحكم بصحة نكاح اثنتين منهنّ في الواقع وفساد نكاح الأُخريين في الواقع أيضاً ، ومن دون تعيين لهنّ على نحو الجامع ، حيث لا محذور في قيام الزوجية أو عدمها فيه ، فيقال : إن اثنتين من هذه النساء زوجتان ، واثنتين منهنّ ليستا بزوجتين من دون تعيين.
وما قد يقال : من أنّ الزوجية ونحوها لا يمكن قيامها في الفرد المردد والمبهم ، فلا يمكن الحكم بقيامها باثنتين مبهمتين ومرددتين وانتفائها عن اثنتين كذلك ، فلا بدّ من الحكم بفساد نكاح جميعهن.
مدفوع بما ذكرناه في مبحث العلم الإجمالي من أنّ الفرد المردّد والمبهم وإن كان لا يمكن أن يكون متعلقاً لأي شيء حيث لا وجود له ولا ذات ، إلّا أنّ الجامع ليس منه ، حيث أنّ معنى الجامع إنّما هو إلغاء الخصوصيات والأخذ بما يجمع بين الأفراد. وعلى هذا فلا مانع من كونه متعلقاً لعرض خارجي كما هو الحال في موارد العلم الإجمالي.
كما لو علم إجمالاً بوقوع قطرة من النجاسة في أحد الإناءين ، في حين كان الواقع في علم الله سبحانه وقوع قطرة في كل من الإناءين من دون أن يعلم المكلف بوقوع الثانية ، بحيث أنّه لم يكن يعلم إلّا بنجاسة أحد الإناءين لا كليهما معاً ، فإنّ من الواضح حينئذ أنّ المعلوم ما تعلق به العلم للمكلف ليس إلّا الجامع ، وإلّا فكل من الإناءين