.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا أنّه غير تامّ ومن القياس الباطل ، حيث أنّ ثبوت التخيير في ذلك المورد لا يلازم ثبوته فيما نحن فيه ، بعد أن لم يكن هناك إطلاق أو عموم أو تعليل يشمل المقام أيضاً.
ومن هنا يظهر حال الاستدلال بما ورد فيمن تزوج خمساً أو تزوج الأُختين بعقد واحد ، كصحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل تزوج أُختين في عقدة واحدة ، قال (عليه السلام) : «يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الأُخرى» ، وقال في رجل تزوج خمساً في عقدة واحدة : «يخلي سبيل أيّتهن شاء» (١).
بدعوى أنّ هذا الحكم إذا كان ثابتاً ابتداءً ، كان ثابتاً استدامة بطريق أوْلى.
فإنّه ضعيف جدّاً ، فإنّ الحكم الثابت في هذين الموردين حكم تعبدي خاص ثبت بالدليل على خلاف القاعدة ، فلا مجال للتعدي عنه إلى سائر الموارد وذلك لاقتضاء القاعدة في مثله البطلان ، حيث أنّ دليل صحة العقد ونفوذه شامل لكل من العقدين أو العقود في نفسه.
إلّا أنّه لما كان الجمع بينهما غير ممكن ، وكان ترجيح أحدهما على الآخر ترجيحاً بلا مرجّح ، كان مقتضى القاعدة فيهما بطبيعة الحال هو البطلان ، على ما هو الحال في جميع موارد عدم إمكان التمسك بالدليل بالنسبة إلى كلا الفردين أو الأفراد. كما لو باع داره لشخص وباع وكيله الدار لآخر مقارناً لبيعه لها ، فإن كلا من العقدين في نفسه وإن كان مشمولاً للصحة ، إلّا أنّه لما لم يمكن الجمع بينهما. ولم يكن لأحدهما مرجح على الآخر ، حكم ببطلانهما عملاً بالقاعدة.
ومن هنا يقال بالبطلان من رأس لو تزوج العبد بثلاث حرائر بعقد واحد من دون أن يلتزم فيه بالتخيير ، وكذا الحال لو تزوج الحر بثلاث إماء في عقد واحد.
والحاصل أنّ الحكم الثابت في فرض التزوج بالأُختين أو التزوج بالخمس دفعة حكم تعبدي ثبت بالنص على خلاف القاعدة ، فلا مجال للتعدي عن موردهما إلى غيرهما من الموارد خصوصاً إلى ما نحن فيه ، حيث أنّ العقد قد وقع صحيحاً ابتداءً بمقتضى القاعدة.
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٢٥ ح ١.