إذا كانا عالمين بالحكم والموضوع (١) أو كان أحدهما
______________________________________________________
ومع التنزّل عن ذلك يكفينا في إثبات هذا الحكم أعني كون الموجب للحرمة أحد أمرين : الدخول ، أو العلم صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «إذا تزوج الرجل المرأة في عدّتها ودخل بها لم تحلّ له أبداً عالماً كان أو جاهلاً ، وإن لم يدخل بها حلّت للجاهل ولم تحلّ للآخر» (١).
فإنّها كما تراها صريحة الدلالة في أنّه يكفي في الحرمة أحد أمرين : الدخول بها ولو كان جاهلاً ، والعلم ولو مع عدم الدخول. فتكون هذه الصحيحة وجه جمع بين جميع الأخبار المتقدمة ، فإنّه بها تنحلّ مشكلة التعارض ، وبالنتيجة يتحصل منها أنّ الموجب للتحريم المؤبد إنّما هو أحد أمرين : الدخول ، أو العلم.
(١) والوجه فيه أنّ المذكور في الأخبار المتقدمة وإن كان العلم بالعدة والذي يعبّر عنه بالعلم بالموضوع إلّا أنّ الظاهر أنّ العلم بالحكم لا ينفصل عنه إلّا نادراً كموارد الغفلة ، وذلك لما تقدم من أنّ المفهوم العرفي للعدة إنّما هو عدّ أيام معينة وعدم جواز التزوج فيها ، فمن هنا لا ينفك العلم بكونها معتدة عن العلم بأنّه لا يجوز التزوج منها.
على أنّه قد ورد التصريح بالتعميم في صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدّتها بجهالة ، أهي ممن لا تحلّ له أبداً؟ فقال : «لا ، أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدّتها وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك». فقلت : بأي الجهالتين يعذر بجهالته أنّ ذلك محرم عليه ، أم بجهالته أنّها في عدّة؟ فقال : «إحدى الجهالتين أهون من الأُخرى ، الجهالة بأنّ الله حرم ذلك عليه وذلك بأنّه لا يقدر على الاحتياط معها». فقلت : وهو في الأُخرى معذور؟ قال : «نعم ، إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوّجها». فقلت : فإن كان أحدهما متعمداً والآخر بجهل؟ فقال : «الذي تعمد لا يحلّ له أن يرجع إلى صاحبه أبداً» (٢).
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٣.
(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٤.