ولا فرق بين أن يكون قاصداً لتزويجها بالخصوص ، أو كان قاصداً لمطلق
______________________________________________________
المرأة في العدّة فعلاً ، أو كانت أُختاً لزوجته لانصراف الروايات عنه ، إذ أن التعليل بأنه «يشتريها بأغلى الثمن» ظاهر في كون الرجل بصدد التزوّج منها فعلاً ، وإنّ جواز النظر مختص بذلك الفرض. وعليه فإذا لم يجز تزوجها لعارض ، لم يصدق عليه أنّه بصدد التزوّج منها ، فلا يجوز له النظر إليها.
ثم هل يجري هذا الحكم في بنت الزوجة غير المدخول بها إذا أراد التزوج بها أم لا؟ وهل إنّها كأُخت الزوجة أم لا؟
ذهب المشهور إلى الأوّل ، نظراً إلى حرمة التزوج بالبنت ما دامت الأُم في حبالته.
ولكن الظاهر أنّه مما لا دليل عليه ، إذ لم يرد بالنسبة إليهما دليل يدل على حرمة الجمع بينهما نظير ما ورد في الأُختين ، وإنما الذي ورد في الآية الكريمة والروايات هو حرمة التزوج بالبنت إذا كانت الام مدخولاً بها وحل ما وراء ذلك (١). ومعنى ذلك هو جواز التزوج بالبنت إذا كانت الام غير مدخول بها ، لأنها حينئذ تكون مشمولة بما وراء ذلك فتكون حلالاً. ونتيجة ذلك أنّه لو تزوج بالبنت حرمت عليه أُمها وانفسخ نكاحها ، لأنّها أصبحت أُم الزوجة ولا يجوز نكاحها.
وقد يتوهّم أنّ زوال زوجية الأُم إنما هو في مرحلة متأخرة عن ثبوت زوجية البنت لأنه معلول له ، ومن البديهي أنّ المعلول يتأخر عن علته رتبة. فعلى هذا ففي مرتبة سابقة على زوال زوجية الام وحرمتها ، تكون الام والبنت معاً زوجة له وهو أمر غير جائز قطعاً ، إذ لا يصح الجمع بينهما بلا خلاف.
إلّا أنّه يندفع بما ذكرناه في عدّة موارد من أنّ الأحكام الشرعية لا تدور مدار الرتب ، وإنما المدار فيها هو الزمان ، فإنّ السبق واللحوق الرتبي مما يناسب الفلسفة لا الفقه. والمفروض في مسألتنا هذه عدم اجتماع زوجية الام والبنت في زمان واحد ، فإنّ الزمان الذي كانت الام فيه زوجة له لم تكن البنت كذلك ، وفي الزمان الذي أصبحت البنت زوجة له انفسخ نكاح الام وخرجت عن الزوجية ، فلا يكونان معاً زوجة له
__________________
(١) إشارة إلى الآية ٢٤ من سورة النساء.