.................................................................................................
______________________________________________________
ومن هنا فإن استظهرنا من هاتين الصحيحتين جهل الزوج بأنّ للمرأة زوجاً على ما استظهره بعضهم فالنسبة بينهما إنّما هي عموم وخصوص مطلق. حيث دلّت صحيحة عبد الرّحمن على جواز التزوج منها في فرض الجهل سواء أكان قد دخل بها أم لم يكن ، في حين أنّ هاتين الصحيحتين تدلّان على ثبوت الحرمة في فرض الجهل والدخول بالمرأة. ومن هنا فتخرج هذه الصورة الجهل مع الدخول من إطلاق صحيحة عبد الرّحمن ، فتختصّ بصورة الجهل مع عدم الدخول لا محالة.
وأما إذا لم نستظهر ذلك لعدم وجود قرينة عليه ، فالنسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه. فإنّ صحيحة عبد الرّحمن واردة في فرض الجهل لكنها مطلقة من حيث الدخول وعدمه ، في حين أنّ المفروض في صحيحتي زرارة هو الدخول ولكنهما مطلقتان من حيث الجهل وعدمه. فيكون التعارض بينهما في المجمع أعني صورة الدخول مع الجهل حيث تدلّ صحيحة عبد الرّحمن على جواز التزوج منها بعد انقضاء عدتها ، في حين أنّ هاتين الصحيحتين تدلّان على ثبوت الحرمة وعدم جواز التزوّج منها أبداً.
وحينئذ فقد يقال : بأنّ المرجع هو عمومات الحلّ ، وذلك لتساقط دليلي الجواز والحرمة بالمعارضة. إلّا أنّ إشكاله واضح ، فإنّه لا مجال للرجوع إلى عمومات الحلّ بعد أن دلّت معتبرة أديم بن الحر على الحرمة الأبدية مطلقاً ، بل مقتضى القواعد الرجوع إلى إطلاقها عند ابتلاء المخصّص بالمعارض.
ثم لا يخفى أنّ في المقام رواية أُخرى تدلّ على جواز الرجوع إليها في فرض الجهل وهي مرفوعة أحمد بن محمد : «إنّ الرجل إذا تزوج امرأة وعلم أنّ لها زوجاً فرّق بينهما ولم تحل له أبداً» (١). حيث تدلّ بمفهوم الشرط على عدم ثبوت الحرمة الأبدية ، وجواز الرجوع إليها في فرض الجهل. إلّا أنّها ضعيفة لا يمكن الاستدلال بها ، فإنّها مضافاً إلى كونها مرفوعة لم تنسب إلى المعصوم (عليه السلام).
إذن فالمتحصّل مما تقدّم أنّ الخارج من إطلاق معتبرة أديم الدالّة على عدم جواز التزوج بها ، إنّما هو فرض جهل الزوج مع عدم الدخول بها خاصة. وبذلك فيكون
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٦ ح ١٠.