.................................................................................................
______________________________________________________
المتأخر لا يؤثر في البطلان الثابت للعقد في حينه. نظير ما لو كان المتعاملان جاهلين بالعوضين حين العقد ثم علما بهما ، فإنّ علمهما المتأخر لا يؤثر شيئاً في العقد الذي وقع غير مستكمل للشرائط ومن ثم كان باطلاً.
ولا يقاس ما نحن فيه بالعقد الفضولي ، حيث يحكم بصحته فيما إذا لحقته الإجازة بعد ذلك ، إذ الفرق بينهما واضح. فإنّ العقد الفضولي حين استناده إلى من له الأمر وانتسابه إليه مستكمل لجميع الشرائط ، وحين فقدانه للشرائط لم يكن مستنداً إليه. وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فإن العقد حين استناده إلى من له الأمر وانتسابه إليه فاقد لشرط إذن العمة والخالة ، فهو في هذا الحال محكوم بالبطلان فلا يكون لاستكمال الشرائط بعد ذلك أثر ، لأنّ انقلاب العقد من البطلان إلى الصحة يحتاج إلى الدليل وهو مفقود.
وهذا الكلام لا يختص بالمقام ، بل يشمل كل مورد يعتبر في صحته أمر غير متحقق حين العقد ثم يتحقق بعد ذلك ، كالتزوج بالبكر مع عدم رضا الأب حين العقد ثم رضاه بعد ذلك ، وكبيع الراهن العين المرتهنة قبل إجازة المرتهن ثم رضاه بعد ذلك. فإنّه يحكم في جميعها بالبطلان ، نظراً إلى أنّ العقد حين استناده إلى من له الأمر كان محكوماً بالفساد فلا يؤثر الرضا المتأخر فيه شيئاً ، لأن الانقلاب يحتاج إلى الدليل.
وهذا الذي ذكروه تام وصحيح على القاعدة ، إلّا أنّه لا محيص عن الالتزام بالصحة بالنظر إلى التعليل الوارد في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده ، قال : «ذاك إلى سيده ، إن شاء أجازه وإن شاء فرّق بينهما». قلت : أصلحك الله ، إنّ الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون : إنّ أصل النكاح فاسد ولا تحل إجازة السيد له ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : «إنّه لم يعص الله وإنّما عصى سيده ، فإذا أجازه فهو له جائز» (١).
فإنّ مقتضى هذا التعليل هو الالتزام بالصحة في كل مورد كان العقد حلالاً في
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب ٢٤ ح ١.
وفيه : الحكم بن عتيبة.