.................................................................................................
______________________________________________________
وثانياً : إنّ مفهوم هذه القضية ليس هو أنّ كل حلال يحرم الحلال كي ينفعنا في المقام ، فإنّ هذه القضية ليست بشرطية ، والوصف لا مفهوم له ؛ غاية الأمر أنّه يدل على عدم ثبوت الحكم الطبيعي وإلّا لكان ذكره لغواً ، وهذا يكفي فيه ثبوت التحريم لبعض أفراد الحلال فإنّه يرفع اللغوية.
والحاصل أنّ غاية ما يقتضيه هذا الوصف من المفهوم هو أنّ بعض الحلال يحرم ومن الواضح أنّ ذلك لا يقتضي إثبات الحرمة في المقام.
ثم إنّ الظاهر من كلام الماتن (قدس سره) أنّ زنا الأب بامرأة لا يوجب تحريمها على ابنه ، وكذا العكس ، حتى ولو كان الزنا سابقاً على العقد.
والوجه في هذا الظهور أنّه (قدس سره) قد تعرّض في صدر كلامه إلى الزنا الطارئ على العقد ، فذكر أنّ زنا الأب بامرأة الابن لا يوجب تحريمها عليه ، وكذا العكس. ثم تعرض للزنا بالعمة والخالة السابق على العقد على ابنتيهما ، واختار فيه التحريم أيضاً. ثم ذكر في آخر كلامه الوطء شبهة ، فذكر أنّه إن كان طارئاً لا يوجب التحريم ، وإن كان سابقاً أوجبها ، من دون أن يتعرّض لزنا الأب أو الابن بالأجنبية وأنّه هل يقتضي تحريمها على الآخر أم لا؟
فيظهر من ذلك أنّه (قدس سره) لم يَرَ ثبوت الحرمة في الزنا السابق على العقد ، فلا تحرم موطوءة الأب بالزنا على الابن ، كما لا تحرم موطوءة الابن كذلك على الأب. وهذا هو الصحيح إذ لا موجب للقول بالحرمة ، لا سيما بعد دلالة جملة من النصوص المعتبرة على أنّ «الحرام لا يحرم الحلال» ، فإنّ مقتضاها أنّ حلّية التزوّج بالمرأة الثابتة لكل من الأب والابن قبل صدور الفعل الشنيع من الآخر لا ترتفع بصدور الفعل من الآخر.
نعم ، قد وردت في المقام روايتان تدلّان على الحرمة صريحاً ، هما :
١ ـ صحيحة أبي بصير ، قال : سألته عن الرجل يفجر بالمرأة ، أتحلّ لابنه؟ أو يفجر بها الابن ، أتحل لأبيه؟ قال : «لا ، إن كان الأب أو الابن مسها واحد منهما فلا تحلّ» (١).
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٩ ح ١.