.................................................................................................
______________________________________________________
٢ ـ صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن رجل زنى بامرأة ، هل يحل لابنه أن يتزوجها؟ قال : «لا» (١).
وهاتان الروايتان معتبرتان سنداً وواضحتان دلالة ، فلو كنّا نحن وهاتين الروايتين لكان اللّازم تخصيص عموم : «الحرام لا يحرم الحلال» بهما ، حيث دلّتا على تحريم الحرام للحلال في هذا المورد.
إلّا أنّهما مبتلاتان بالمعارض ، إذ يعارضهما صحيح زرارة ، قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : «إن زنا رجل بامرأة أبيه أو بجارية أبيه ، فإنّ ذلك لا يحرمها على زوجها ، ولا يحرم الجارية على سيدها. إنّما يحرم ذلك منه إذا أتى الجارية وهي له حلال ، فلا تحلّ تلك الجارية لابنه ولا لأبيه» (٢).
ومحل الشاهد منها هو الذيل ، فإنّ مقتضى الحصر المذكور فيه بـ «إنّما» هو عدم ثبوت الحرمة في غير الإتيان حلالاً أبداً ، ومن هنا تكون معارضة للصحيحتين السابقتين.
إذن فلا بدّ من الرجوع إلى المرجحات ، وقد عرفت في الفرع السابق أنّ أوّل المرجحات هو موافقة الكتاب العزيز ، وحيث إنّ صحيحة زرارة المقتضية لعدم الحرمة في المقام هي الموافقة للكتاب وللسنة أيضاً لما تقدم من أنّ «الحرام لا يحرم الحلال» كان الترجيح لها لا محالة ، وعليه فتكون النتيجة هو اختيار عدم الحرمة في زنا الأب أو الابن بامرأة بالنسبة إلى الآخر.
نعم ، قد يستدلّ للتحريم بالنسبة إلى موطوءة الأب خاصة بقوله تعالى (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) بدعوى أنّ النكاح اسم للوطء ، ومن هنا فتكون هذه الآية مخصصة لعموم قوله تعالى (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) وبذلك فيكون الترجيح لأدلة المنع بالنظر إلى أنّها الموافقة للكتاب العزيز.
إلّا أنّه لا يسلم من المناقشة ، وذلك فلأنّ كلمة النكاح ومشتقاتها قد وردت في الكتاب العزيز فيما يزيد عن عشرين مورداً ، وهي مستعملة في جميع تلك الموارد في
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٩ ح ٢.
(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٤ ح ١.