وإن كان بعد وطئه لها لم تحرم (١).
______________________________________________________
للأب كما أنّ فعل الابن فيهما حرام. ومن هنا فتكون هذه الصحيحة كالنص في الجواز في المقام ، وعليه فلا يبقى وجه لدعوى تقييدها بمعتبرة الكاهلي.
على أنّ من المطمأنِّ به أنّ القضية واحدة ؛ غاية الأمر اختلف ما سمعه الكاهلي عما سمعه مرازم ، ومن هنا فتكون نسخة النص مختلفة. وحيث لا يعلم أنّ ما صدر من السائل هل كان السؤال عن خصوص فرض وطء الابن للجارية قبل وطء الأب لها ، أم كان السؤال عن الفرض من دون إضافة قيد قبليته عن وطء الأب ، فلا مجال للعمل بهما.
ثانياً : صحيحة زرارة المتقدمة حيث ورد فيها : «إنّما يحرم ذلك منه إذا أتى الجارية وهي له حلال ، فلا تحلّ تلك الجارية لابنه ولا لأبيه» (١). فإنّ مقتضى الحصر المذكور فيها عدم ثبوت الحرمة في المقام نظراً لحرمة فعل الابن.
إذن فالنصوص الواردة في المقام متعارضة ، ومقتضى الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة أو الرجوع إلى الأدلة العامة هو العمل بمضمون نصوص الجواز. فإنّ مقتضى قوله تعالى (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) وقولهم (عليهم السلام) : «الحرام لا يحرم الحلال» هو الجواز ، إذ لم يثبت كون المقام من المستثنى منه في الآية ، كما أنّ المقام مشمول للنص بل هو من أظهر مصاديقه ، فإنّ الجارية حلال للأب فعلاً باعتبار أنّه مالك لها ، وفعل الابن حرام جزماً فلا يقتضي فعله حرمتها على الأب.
ومن هنا فما أفاده (قدس سره) لا يخلو من إشكال بل منع.
على أنّه لا مانع من حمل معتبرة الكاهلي على الكراهة ، ولا يجري فيه ما ذكرناه من أنّه لا مجال لحمل الأحكام الوضعية على الكراهة ، وذلك فلأن السؤال فيها ولا سيما بملاحظة جوابه (عليه السلام) : «ولا أرى للأب إذا قربها الابن أن يقع عليها» ليس عن نفوذ العقد وعدمه ، وإنّما هو عن جواز الوطء وعدمه ، وفيه لا مانع من الحمل على الكراهة.
(١) بلا خلاف يعتدّ به. وتدلّ عليه مضافاً إلى بعض النصوص الصحيحة
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٤ ح ١.