لقوله تعالى (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (١).
______________________________________________________
هو في الأحكام المترتبة عليها ، أنّ روايات قاعدة نفي الضرر على ما تقدم بيانه غير مرة إنّما تقتضي نفي الحكم المترتب عليه الضرر خاصة من دون أن تتكفل إثبات حكم آخر يرتفع به الضرر ، ومن هنا فلا يمكن إثبات وجوب الطلاق بدليل نفي الضرر. على أنّ إلزام الزوج بطلاقهما ودفع نصف المهر لكل منهما ، ضرر على الزوج على حدّ تضرره بإبقاء المرأتين والإنفاق عليهما ، فيحتاج إثباته إلى الدليل.
(١) وهذا المضمون قد ورد في عدّة موارد من الكتاب العزيز.
منها : قوله تعالى (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (١). والظاهر منها أنّ الفاء فيها للتفريع ، بمعنى أن بعد تطليق الزوجة مرتين إما أن يمسكها بمعروف فيتزوّجها ويبقيها زوجة له من غير إضرار إليها ، أو يطلقها الطلاق الثالث كما دلّت عليه موثقة الحسن بن فضال. وهي بهذا المدلول أجنبية عن محلّ الكلام ، إذ لا دلالة فيها على وجوب الطلاق على الزوج ، فيما إذا لم يمكنه القيام بالاستمتاعات الجنسية لبعض المحاذير الشرعية.
ومنها : قوله تعالى (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) (٢). وهي كما تراها ظاهرة الدلالة في أنّ الإمساك بالمعروف إنّما يكون بعد طلاقها وبلوغها الأجل ، الذي هو عبارة عن انقضاء عدّتها وخروجها منها ، فيكون مفادها أن للرجل بعد انقضاء عدّة زوجته الخيار في أن يتزوّجها من غير قصد الإضرار بها ، أو أن يغض النظر عنها كي تتزوج هي ممن شاءت.
وبهذا المضمون وردت عدة آيات أُخر ، فقد قال الله عزّ وجلّ (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٢٩.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٣١.