.................................................................................................
______________________________________________________
وقد أورد عليه في المسالك بما حاصله : إنّه لا يمكن أن يكون ترك التزويج أفضل والحال أنّه مقدمة للزنا المحرم (١).
وقد أجاب عنه صاحب الجواهر (قدس سره) بأنّ ترك التزويج ليس مقدّمة الزنا ، فإنّه فعل اختياري للرجل من دون أن يكون بينهما أي نوع من أنواع المقدمية فقد يتزوج الرجل من الأَمة ويزني ، وقد لا يتزوج ولا يزني (٢).
ومن هنا فقد يقال : إنّ ترك التزويج وإن لم يكن مقدمة للزنا إلّا أنّه ملازم له ، ومن الواضح أنّ المتلازمين لا يختلفان في الحكم الفعلي ، فلا يمكن أن يكون أحدهما مستحباً والآخر حراماً. وعلى هذا الأساس خصّ الماتن (قدس سره) وغيره الحكم باستحباب الصبر بغير فرض خوف الوقوع في الزنا.
إلّا أنّه لا يمكن المساعدة عليه أيضاً ، إذ لا تلازم بين الأمرين أصلاً ، فإنّ من الممكن أن يتزوج الرجل ويزني ، وأن لا يتزوج ولا يزني ، وأن يتزوج ولا يزني ، وأن لا يتزوّج ويزني. وحينئذ فلا مانع من إطلاق الحكم بأفضلية ترك التزوّج من الأَمة.
غير أنّ ما يوجب الإشكال هو أنّ الآية الكريمة إنّما دلت على أفضلية الصبر ، ولم تدلّ على أفضلية ترك التزوّج ، وبينهما بون بعيد. فإنّ استحباب الصبر لا يلازم أن يكون التزويج مكروهاً كي يقال بأنّ تركه أفضل ، وذلك لأنّ الصبر والتزويج ليسا من الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، فإنّ هناك ضدّاً ثالثاً لهما هو الزنا. ومن هنا فلا يلزم من كون أحد الأضداد مستحباً كون الآخر مكروهاً كي يكون تركه مستحبّاً أيضاً فمن الممكن أن يكون أحدها مستحباً والآخر مباحاً والثالث حراماً ، كالنافلة والجلوس من دون عمل والزنا.
والحاصل أنّ المستحب إنّما هو الصبر وتحمّل المشقّة الحاصلة بترك التزوّج لا ترك التزوّج نفسه ، كي يرد عليه ما ذكر.
__________________
(١) مسالك الافهام ٧ : ٣٢٦.
(٢) الجواهر ٢٩ : ٣٩٣.