.................................................................................................
______________________________________________________
النظر إليها لغير المذكورين فيها.
والذي يظهر والله العالم أنّ الروايات الواردة في تفسير هذه الآية الكريمة تؤكد ما ذكرناه من التفصيل في الزينة بين ما يجب سترها في نفسه ، وما يحرم إبداؤها لغير الزوج ، فإنّ بعضها تسأل عن القسم الأوّل وبعضها الآخر تسأل عن القسم الثاني في الآية الكريمة.
فمن الأوّل : معتبرة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنْها) قال : «الخاتم ، والمسكة ، وهي القلب» (١). فهي صريحة في أنّ السؤال عن القسم الأوّل من الآية الكريمة دون القسم الثاني ، فلا تدل إلّا على جواز كشف الوجه واليدين وعدم وجوب سترهما في نفسه وقد عرفت أنّ ذلك لا يلازم جواز النظر إليهما.
ومن الثاني : صحيحة الفضيل المتقدمة حيث ورد السؤال فيها عن الذراعين من المرأة ، هما من الزينة التي قال الله عزّ وجلّ (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا لِبُعُولَتِهِنَّ)؟ فأجاب (عليه السلام) : «نعم» (٢). فدلّت على حرمة إبدائهما لغير الزوج ومن ذكر في الآية الكريمة.
فبملاحظة هذه النصوص يتضح جلياً أنّ ما تفسره معتبرة أبي بصير غير ما تفسره صحيحة الفضيل ، وأنّهما منضماً إنّما يفيدان أنّ الزينة على قسمين :
قسم منها يجب ستره في نفسه ، وهو ما عدا الوجه والكفين من البدن.
وقسم منها لا يجوز إبداؤه لغير المذكورين في الآية الكريمة مطلقاً ، وهو تمام البدن من دون استثناء.
ولعل صاحب الجواهر (قدس سره) حينما استدل بهذه الصحيحة على جواز النظر إلى الوجه والكفّين (٣) تخيّل أنّها واردة في تفسير القسم الأول من الآية الكريمة ، وغفل عن كونها صريحة في النظر إلى القسم الثاني.
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٠٩ ح ٤.
(٢) راجع ص ٤٣ ه ١.
(٣) الجواهر ٢٩ : ٧٦.