.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني : الروايات الدالة على جواز النظر إلى وجه المرأة ويديها إذا أراد تزويجها على نحو القضية الشرطية ، فإنّ مفهومها هو عدم الجواز إذا لم يكن مريداً تزويجها. وحمل النظر في هذه الروايات على المقترن بالتلذّذ ، فلا تدل بمفهومها على عدم جواز النظر المجرد إذا لم يكن قاصداً تزويجها ، بعيد جدّاً ولا موجب له.
وأوضح من هذه الأخبار ما ورد في جواز النظر إلى وجه الذمية ويديها ، معلِّلاً بأنّهنّ لا حرمة لهنّ ، فإنّه كالصريح في أنّ منشأ الجواز إنّما هو عدم وجود حرمة لأعراضهنّ ، فيدل على عدم الجواز إذا كانت المرأة مسلمة وذات حرمة.
الثالث : صحيحة الفضيل المتقدمة في أدلّة القول بالجواز وذلك بالتقريب المتقدم فإنّ ظاهرها هو كون الوجه واليدين من الزينة التي لا يجوز إبداؤها إلّا للزوج ، حيث ألحق (عليه السلام) «ما دون الخمار» و «ما دون السوارين» إلى الذراعين ، فجعل المجموع من مصاديق الآية الكريمة الدالة على حرمة إبداء الزينة ، التي قلنا إنّه بمعنى حرمة إظهارها للغير الملازمة لحرمة النظر إليها على ما عرفت تفصيله.
الرابع : صحيحة محمد بن الحسن الصفار ، قال : كتبت إلى الفقيه (عليه السلام) في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها بمحرم ، هل يجوز له أن يشهد عليها وهي من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أنّها فلانة بنت فلان التي تشهدك وهذا كلامها ، أو لا يجوز الشهادة عليها حتى تبرز ويثبتها بعينها؟ فوقع (عليه السلام) : «تتنقب وتظهر للشهود إن شاء الله» (١).
فإنّ أمره (عليه السلام) بالتنقب الذي هو عبارة عن لبس ما يستر مقداراً من فوق الأنف فما دونه عند الشهادة يدلّ بوضوح على عدم جواز النظر إلى وجه المرأة في حدّ نفسه ، وإلّا فلم يكن وجه لأمرها بالتنقب. وحمل الأمر على استحياء المرأة خارجاً مع قطع النظر عن الحكم الشرعي لا وجه له بالمرة ، فإنّ ظاهر الأمر هو بيان التكليف والوظيفة الشرعية ، فحمله على غيره يحتاج إلى القرينة والدليل.
ثم إنّ الأمر بالتنقب وإن دلّ على لزوم ستر الأنف فما دون مطلقاً ، إلّا أنّه لا يدل على جواز كشف ما فوق الأنف مطلقاً ، بل يختص ذلك بالشهادات حيث تقتضي
__________________
(١) الاستبصار ٣ : ١٩ ح ٥٨.