وقيل بالجواز فيهما مرّة ، ولا يجوز تكرار النّظر (١) والأحوط المنع مطلقاً (*).
______________________________________________________
الضرورة للتعرّف على المرأة وذلك يحصل بالنظر إلى عينيها ، ومن هنا حكم من لا يرى جواز النظر إلى المرأة في نفسه بالجواز في مقام الشهادة.
الخامس : الأخبار الدالة على أنّ النظر إلى الأجنبية «سهم من سهام إبليس» وأنّه «زنا العين» وما شاكله (١). لكن الظاهر أنّ هذه الطائفة مما لا يصح الاستدلال بها على حرمة النظر المجرد ، فإنّ التعبير بأنّه «سهم من سهام إبليس» لا ينسجم إلّا مع كون الناظر في مقام الريبة ، فإنه في هذه الحالة قد لا يتمكن الإنسان من السيطرة على نفسه فيقع في الزنا ، وقد يتمكن من كفّ نفسه ومنعها من المحرمات فينجو من ذلك ، وحينئذ يصح تمثيله بالسهم فإنه قد يصيب الهدف وقد يخطئ. وأما إذا لم يكن في مقام الريبة فهو غير مصيب دائماً ، فلا يتلاءم مع تشبيهه بالسهم.
وكذا الحال فيما دل على أنّه زنا العين ، فإنّه ومع غض النظر عن سنده ظاهر في كون الناظر في مقام التلذّذ لا مطلقاً ، كما يظهر ذلك من قوله : «فإنّ لكل عضوٍ زنا وزنا العين النظر». فإنّ من الواضح أنّ زنا العين هو النظر متلذّذاً كما هو الحال في زنا سائر الأعضاء لا النظر المجرّد.
والمتحصل من جميع ما تقدّم : أنّه لا مجال لاستثناء الوجه والكفين من حرمة النظر إلى الأجنبية ، فإنه لا دليل على ذلك بل الدليل على خلافه ، كما عرفت.
(١) اختاره المحقق (قدس سره) في الشرائع (٢) والعلّامة (قدس سره) في القواعد (٣) ولعلّ الوجه في ذلك هو الجمع بين الطائفتين المتقدمتين.
__________________
(*) وإن كان الأظهر جواز نظر المرأة إلى وجه الرّجل ويديه بل رأسه ورقبته وقدميه من غير تلذّذ وريبة ، بل حرمة نظرها إلى سائر بدنه غير العورتين من دون تلذّذ وريبة لا يخلو عن إشكال ، والاحتياط لا يُترك.
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٠٤.
(٢) الشرائع ١ : ٣١٧.
(٣) قواعد الأحكام ٢ : ٣.