.................................................................................................
______________________________________________________
ترخيص ، وعليه فالآية الكريمة وإنْ تضمّنت الأمر بالاستئذان إلّا أنّه لا مجال لاستفادة الوجوب من ذلك ، باعتبار ثبوت الترخيص بحديث الرفع وما في معناه فلا يبقى مجال لاستفادة الوجوب.
وبعبارة اخرى نقول : إنّ ثبوت الأمر شيء وثبوت الوجوب شيء آخر ، إذ لا ملازمة بينهما أصلاً ، فقد يثبت الأمر ولا يثبت الوجوب كما هو الحال في الأوامر الاستحبابية ، بل لا بدّ في إثبات الوجوب مضافاً إلى الأمر من إثبات عدم الترخيص ، فمن دون ذلك لا مجال لإثبات الوجوب.
ومن هنا فحيث إنّ الآية الكريمة لا تتكفل إلّا الجهة الاولى أعني ثبوت الأمر فلا مجال للتمسّك بها وحدها لإثبات الوجوب ، بل لا بدّ من البحث عن وجود ما يدلّ على الترخيص ، فإنْ وجد ما يدلّ على ذلك فلا مجال للقول بالوجوب ، وإلّا فمقتضى حكم العقل بلزوم إطاعة المولى هو ذلك ، وحيث إنّ مقامنا من قبيل الأوّل حيث دلّ حديث رفع القلم على الترخيص فلا وجه للالتزام بالوجوب.
ثانياً : إنّ الآية الكريمة أجنبية عن محل الكلام بالمرة ، فإنّها واردة في مقام رؤية المميز للرجل والمرأة في حالة غير مناسبة ، بحيث يطلع على ما يستقبح التطلع عليه حتى لو لم يستلزم ذلك النظر إلى عورتهما ، فلا تصلح للاستدلال بها على حرمة نظر الصبي أو الصبية إلى عورة الغير كما لا يخفى.
وأمّا المقام الثاني : فلا ينبغي الشك أيضاً في جواز نظر كلّ منهما إلى بدن غير المماثل له من البالغين ، وذلك لحديث الرفع حيث تختصّ الحرمة بالمكلفين.
وأما جواز نظر كل من الرجل إلى الصبية والمرأة إلى الصبي لو قلنا بحرمة نظرها إلى الرجل فيمكن الاستدلال عليه :
أوّلاً : بعدم وجود مقتضٍ للحرمة ، نظراً لاختصاص قوله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا لِبُعُولَتِهِنَّ) بالبالغات ، حيث إنّ التكليف لا يشمل غير البالغ فلا يجب على الصبية التستّر. ومن هنا فيجوز النظر إليها ، باعتبار أنّ حرمة النظر إلى المرأة إنّما استفيدت من وجوب التستّر عليها ، حيث استظهرنا من ذلك كونه مقدمة لعدم النظر إليها ، وحيث إنّ وجوب التستّر غير ثابت على الصبية فلا بأس بالنظر إليها.