.................................................................................................
______________________________________________________
أمّا المقام الأوّل : فلا ينبغي الشك في عدم جواز النظر إلى عورتهما ، ووجوب حفظ الفرج عنهم ، لإطلاق أدلّة المنع إذ لا موجب لتخصيصها بالبالغ ، فإنّ مقتضى قوله (عليه السلام) : «عورة المؤمن على المؤمن حرام» (١) هو حرمة النظر إلى عورة المؤمن من دون تقييد بكونه بالغاً فإنّ المميز من غير البالغين إذا أدرك وجود الله تبارك وتعالى وآمن به صدق عليه عنوان المؤمن ، وبذلك يصبح مشمولاً لأدلّة المنع.
وأمّا نظرهما إلى عورة الغير فلا ينبغي التأمّل في جوازه ، فإنّ حرمة النظر إلى عورة الغير مختصة بالمكلفين ، أمّا غيرهم فلا يجب عليهم الامتناع من ذلك ، كما لا يجب عليهم حفظ عورتهم والتستر عليها من الغير ، فإنّ كلّ ذلك من شؤون المكلفين والمفروض أنّهم ليسوا منهم.
نعم ، نسب الخلاف في جواز نظرهما إلى عورة الغير إلى المحقق النراقي (قدس سره) حيث ذهب إلى عدم الجواز ، مدّعياً تخصيص ما دلّ على رفع القلم من الصبي وعدم تكليفه بقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ) (٢).
فإنّ الخطاب في الآية الكريمة وإنْ كان متوجّهاً إلى المكلّفين ، إلّا أنّ الأمر بالاستئذان متوجه إلى غير المكلّفين كما هو واضح ، فيتحصل منها أنّ الصبيان مكلّفون في هذا المورد بعدم النظر إلى عورة الغير ويجب عليهم ذلك ، ويكون ذلك استثناءً وتخصيصاً لحديث رفع القلم عن الصبيان (٣).
إلّا أنّ فيه : أوّلاً : ما تقدّم منّا في مباحث الأُصول من أنّ الوجوب غير مستفاد من صيغة الأمر بحدّ ذاتها ، وإنّما هو مستفاد من حكم العقل بلزوم إطاعة المولى حيث لم يرد
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢ كتاب الطهارة ، أبواب آداب الحمام ، ب ٩ ح ٤.
(٢) سورة النور ٢٤ : ٥٨.
(٣) مستند الشيعة ٢ : ٤٦٩.