.................................................................................................
______________________________________________________
وثانياً : بالروايات الناهية عن ابتداء الرجل بالسلام على المرأة ، كموثّقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تبدؤوا النساء بالسلام ، ولا تدعوهن إلى الطعام ، فإنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : النساء عيّ وعورة ، فاستروا عيّهنّ بالسكوت ، واستروا عوراتهنّ بالبيوت» (١).
وفيه :
أمّا الأول : فهي وإنْ كانت كلمة مشهورة بينهم ، إلّا أنّها لم ترد في شيء من النصوص ، فلا وجه لجعلها دليلاً.
وأمّا الثاني : فلأنّ هذه الروايات غير ناظرة للنهي من حيث عدم جواز سماع صوتهن ، وإنّما النهي من أجل منع إظهار المودّة والمحبّة لها ، كما يشهد لذلك ما ورد من «أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يسلِّم على النساء وكان يكره أن يسلّم على الشابّة منهنّ ، ويقول : أتخوّف أن يعجبني صوتها ، فيدخل عليَّ أكثر مما طلبت من الأجر» (٢).
فهذه الرواية تكشف بوضوح عن أنّ النهي عن ابتدائهن بالسلام ليس من أجل عدم جواز سماع صوتهن ، وإنّما ذلك من أجل المنع عن إظهار المحبة لهن ، وإلّا فلو كان النهي من أجل حرمة سماع صوتهن ، لكان الأَوْلى تعلّق النهي بجواب المرأة وتوجيه الخطاب إليها ، فإنّه أنسب بحرمة سماع صوتها من نهي الرجل عن ابتدائها بالسلام ، كما هو أوضح من أن يخفى.
وعلى هذا فلا تدلّ هذه الرواية على حرمة سماع صوتها والكلام معها إذا لم يكن في ذلك إظهار المحبة والمودة.
وعليه فلا مانع من الالتزام بالجواز لقصور ما استدل به للحرمة عن إثبات المدّعَى ، بل لوجود الدليل على ذلك ، وهو مضافاً إلى السيرة القطعية المتصلة بزمان المعصوم (عليه السلام) حيث كانت النساء تتكلّم مع الرجال من دون تقيد بحالة
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٣١ ح ١.
(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٣١ ح ٣.