.................................................................................................
______________________________________________________
السند بأبي جميلة الذي يروي عن محمد بن علي الحلبي ، فإنّه ممن عرف بالكذب.
نعم ، في صحيحة أبي أيوب الخراز عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ، ولا يستأذن الأب على الابن» (١).
وهذه الرواية وإن كانت صحيحة سنداً إلّا أنّها غير مقيدة بما إذا كانت عنده زوجته أو كان في ساعات الخلوة ، ومن هنا يفهم أنّ الحكم أخلاقي صرف لحفظ مقام الأُبوة وكرامته ، فإنّ ذلك يقتضي عدم دخول الولد على أبيه من دون استئذان حتى لو لم يكن للأب زوجة ولم يكن في ساعات الخلوة.
وعلى هذا فتكون هذه الصحيحة أجنبية عن محلّ الكلام ، فإنّها غير ناظرة إلى وجود الزوجة عنده وعدمه ، بل تتكفل بيان ما يقتضيه الأدب واحترام الأب ، فتُحمل على الاستحباب لا محالة ، لقيام السيرة القطعية على جواز الدخول على الأب إذا لم تكن زوجته عنده من غير استئذان ، فإنّه لو كان الحكم بالوجوب ثابتاً لظهر وبان.
نعم ، في خصوص ما لو كانت زوجته معه ، أو كان في ساعات الخلوة ، يمكن استفادة لزوم الاستئذان من قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٢).
فإنّ هذه الآية الكريمة تدلّ على لزوم الاستئذان عند إرادة الدخول على الرجل إذا كان في ساعات الخلوة مطلقاً ، من دون تخصيص بكون المدخول عليه أباً أو ولداً أو غيرهما. فإنّ ذكر ما ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم ، أمّا هو من جهة كثرة الابتلاء بدخولهم عليه ، وأمّا من جهة التصريح بعموم الحكم لهم كي لا يتوهّم
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١١٩ ح ١.
(٢) سورة النور ٢٤ : ٥٨ ، ٥٩.