قالوا «الشّئمة» يريدون «الشّيمة» ، ومعناها الخليقة ، فأبدلوا أيضا الياء همزة.
وإنمّا جعلنا الهمزة في «ألل» و «رئبال» و «الشئمة» بدلا من الياء ، ولم تجعل أصلا بنفسها ، لأنّ الأكثر في كلامهم «يلل» و «ريبال» و «شيمة» بالياء ، واستعمال هذه الأسماء بالهمزة قليل. فدلّ ذلك على أنّ الهمزة بدل ، وأن الياء هي الأصل.
فهذا أيضا جميع ما جاءت فيه الهمزة بدلا من الياء ، على غير اطّراد.
٤ ـ إبدال الهمزة من الهاء. أبدلت الهمزة من الهاء في «ماء» ، وأصله «موه» ، فقلبت الواو ألفا ، والهاء همزة. والدليل على ذلك قولهم في الجمع : «أمواه». وقد أبدلت الهاء أيضا همزة في جمع «ماء» ، فقالوا : «أمواء». قال (١) :
وبلدة ، قالصة أمواؤها |
|
تستنّ ، في رأد الضّحى ، أفياؤها |
وإنّما جعلت الهاء هي الأصل ، لأنّ أكثر تصريف الكلمة عليها. قالوا «أمواه» و «مياه» و «ماهت (٢) الرّكيّة» ، إلى غير ذلك من تصاريفها.
وأبدلت أيضا منها في «آل». أصله «أهل» ، فأبدلت الهاء همزة ، فقيل «أأل» ، ثم أبدلت الهمزة ألفا ، فقيل «آل».
فإن قيل : فهلّا جعلت الألف بدلا من الهاء أوّلا! فالجواب أنّه لم يثبت إبدال الألف من الهاء ، في غير هذا الموضع ، فيحمل هذا عليه. وقد ثبت إبدال الهمزة من الهاء في «ماء» ، فلذلك حمل «آل» على أنّ الأصل فيه «أهل» ، ثم «أأل» ، فأبدلت الهاء همزة.
فإن قيل : وما الذي يدلّ على أنّ الأصل «أهل» ، وهلّا جعلت الألف منقلبة عن واو! فالجواب أنّ الذي يدلّ على ذلك قولهم في التصغير «أهيل». ولو كانت الألف منقلبة عن واو لقيل في تصغيره «أويل». وممّا يؤيد أنّ الأصل «أهل» أنّهم إذا أضافوا إلى المضمر قالوا «أهلك» و «أهله» ، لأنّ المضمر يردّ الأشياء إلى أصولها. ولا يقال «آلك» و «آله» إلّا قليلا جدّا ، نحو قوله (٣) :
وانصر ، على دين الصّلي |
|
ب ، وعابديه ، اليوم ، آلك |
وقول الآخر :
أنا الرّجل الحامي حقيقة والدي |
|
وآلي ، كما تحمي حقيقة آلكا |
ونحو قول الكنانّي : «رجل من آلك وليس منك».
__________________
(١) الرجز بلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١ / ١١٣ ؛ والمنصف ٢ / ١٥١. والقالصة : المرتفعة. تستنّ : تجري في السنن ، أي وجه الطريق. رأد الضحى : ارتفاع النهار.
(٢) ماهت : ظهر ماؤها.
(٣) هو عبد المطّلب جد النبي صلّى الله عليه وسلّم في الدرر اللوامع ٢ / ٦٢ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٥٠.