فإذا احتاجوا إلى النطق بها ضعف نطقهم بها.
والضاد الضعيفة : يقولون في «اثرد له» : «اضرد له» يقربون الثاء من الضاد وكأنّ ذلك في لغة قوم ليس في أصل حروفهم الضاد فإذا تكلّفوها ضعف نطقهم بها لذلك.
والصاد التي كالسين : نحو «سائر» في «صائر» قربت منها لأنّ الصاد والسين من مخرج واحد.
والباء التي كالفاء : وهي كثيرة في لغة الفرس وغيرهم من العجم. وهي على لفظين : أحدهما لفظ الباء أغلب عليه من لفظ الفاء والآخر بالعكس نحو «بلح» و «برطيل».
والظاء التي كالثاء : يقولون في «ظالم» : «ثالم».
«وكأنّ الذين تكلّموا بهذه الحروف المسترذلة خالطوا العجم ، فأخذوا من لغتهم» (١).
ذكر أحكام حروف الحلق في الإدغام
«للحلق ثلاثة مخارج : فمن أقصاه الألف ، والهمزة والهاء ، ومن وسطه العين والحاء ، ومن أدنى مخارج الحلق إلى اللسان مخرج الغين والخاء».
أما الألف والهمزة فلا يدغمان في شيء ، ولا يدغم فيهما شيء والسبب في ذلك أنّ إدغام المتقاربين محمول على إدغام المثلين. فلما امتنع فيهما إدغام المثلين امتنع فيهما إدغام المتقاربين.
وأما الهاء فليس لها من مخرجها ما يدغم فيها أو تدغم فيه ، لأنها من مخرج الألف والهمزة ، فلم يبق لها ما تدغم فيه إلّا ما هو من المخرج الذي يلي مخرجها.
فإذا اجتمعت مع الحاء فلا يخلو أن تتقدّم الحاء أو تتقدّمها الحاء. فإن تقدّمت على الحاء جاز الإدغام والبيان ، نحو : «اجبه حاتما» : إن شئت لم تدغم ، وإن شئت قلبت الهاء حاء ، وأدغمت الحاء في الحاء فقلت : «اجبحّاتما» ، لأنهما متقاربان ليس بينهما شيء ، إلّا أنّ الحاء من وسط الحلق ، وهما مهموسان. وإنما قلبت الأوّل إلى جنس الثاني ولم تقلب الثاني إلى جنس الأوّل. لأنّ الذي ينبغي أن يغيّر بالقلب الأوّل كما غيّر بالإسكان ؛ ألا ترى أنّ الذي يسكن لأجل الإدغام إنما هو الأول. فإن قلب الثاني إلى جنس الأوّل في موضع ما فلعلّة ، وسيبيّن ما جاء من ذلك في موضعه. والبيان وترك الإدغام أحسن لاختلاف المخرجين ، ولأنّ حروف الحلق ليست بأصل للإدغام لقلّتها ، والتصرّف بابه أن يكون فيما يكثر.
وإن تقدّمتها الحاء ، نحو : «امدح هلالا» فالبيان ، ولا يجوز الإدغام. والعلّة في ذلك أنّ المخرجين ، كما تقدّم ، قد اختلفا مع أنّ
__________________
(١) عن الممتع في التصريف ص ٦٦٣ ـ ٦٦٧.