.................................................................................................
______________________________________________________
ومعلوم أيضا أن عدمه ليس بعبادة. فتأمل ، إذ لا يناسب منع شخص عن عبادة في وقت لقلّة ثوابها بالنسبة إلى ثوابها في وقت آخر مع عدم إمكان فعله إلّا في الوقت الثاني خصوصا مع عدم القرينة.
(فإن قيل) ان نوى الصوم فصار تشريعا حراما ، لأنّه ليس بمشروع كما هو المفروض ، وان لم ينو فلا يكون صوما مكروها.
(قيل له) يمكن اختيار الأخير ، وان المراد بالصوم المكروه ليس كونه صوما شرعيّا ومكروها ، بل ما يشبهه كالحرام ، فان الحرام ليس بصوم مشروع وحرام.
أو المراد بقصد الصوم والعبادة في الجملة ، لا مع تحقق جميع شرائطها.
أو يكون النهي ، عن مجرد التشبيه بالصائمين ، والعابدين ، وان لم يكن مع النيّة والشرائط المعتبرة في الصحّة.
ويمكن اختيار الأوّل أيضا وعدم تسليم التشريع ، لجواز ان يكون جعل بعض الأشياء ـ ممّا يتقرّب به الى الله ـ مكروها بالمعنى الذي قلناه (١) بنصّ من الشارع ولا محذور ولا يلزمه اعتقاد أنّه صوم ورد الشرع به ، بل يكفى ـ للفعل مع النيّة ـ احتمال كونه ممّا يتقرب ، وتجويز الشارع له ، واحتمال ارادته من نهيه الترخص فقط وقلّة الثواب مثلا.
وعلى تقدير لزوم الاعتقاد والجزم في نيّة هذه العبادة مثلا للكراهة فنقول : يلزم كون الاعتقاد حراما وتشريعا.
واما الفعل على هذا الوجه الذي لم يظهر شرطيته فما ثبت كونه حراما ، وانما البحث فيه لا في النيّة والاعتقاد كما أشير إليه في الذكرى (٢) في تقديم الاستنشاق
__________________
(١) وهو كونه بحيث يكون تركه أولى من فعله
(٢) قال في الذكرى ص ٩٥ : تقديم المضمضة على الاستنشاق مستحب ، وفي المبسوط : لا يجوز العكس ، والمأخذ أن تغيير هيئة المستحب هل توصف بالحرمة؟ لما فيه من تغيير الشرع أو يترك المستحب تبعا لأصلها هذا مع قطع النظر عن اعتقاد شرعيّة التغيير ، اما معه فلا شك في تحريم الاعتقاد لا عن شبهة اما الفعل فلا وتظهر الفائدة في التأثيم ونقص الثواب وإيقاع النيّة (انتهى كلامه رفع مقامه)