ضعيفة معرضة لألوان العواصف ، سرعان ما تنطفئ ، ويظهر الوجه الحقيقي للمنافقين ، ويظلون منفورين مطرودين حائرين ، مثل إنسان يتخبّط في ظلام دامس.
لا بدّ من الإشارة إلى ما ورد في تفسير الآية الكريمة : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) (١).
عن الإمام محمّد بن علي الباقر عليهالسلام قال : «أضاءت الأرض بنور محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم كما تضيء الشّمس ، فضرب الله مثل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم الشّمس ومثل الوصيّ القمر» (٢).
وهذا يعني أن نور الإيمان والوحي يغمر العالم كلّه. ولا يمتلك منه المنافقون شيئا ، حتّى لو كان في النفاق نور ، فإنّ مدياته قصيرة ودائرته صغيرة لا يضيء إلّا (ما حوله).
في المثال الثاني صوّر القرآن حياة المنافقين بشكل ليلة ظلماء مخوفة خطرة ، يهطل فيها مطر غزير ، وينطلق من كل ناحية منها نور يكاد يخطف الأبصار ، ويملأ الجوّ صوت مهيب مرعب يكاد يمزّق الآذان. وفي هذا المناخ القلق ضلّ مسافر طريقه ، وبقي في بلقع فسيح لا ملجأ فيه ولا ملاذ ، لا يستطيع أن يحتمي من المطر الغزير ، ولا من الرعد والبرق ، ولا يهتدي إلى طريق لشدّة الظلام.
هذه الصورة يرسمها القرآن على النحو التالي : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ، يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ، وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا).
هؤلاء يحسّون كلّ لحظة بخطر ، لأنهم يطوون صحراء لا جبال فيها ولا أشجار تحميهم من خطر الرعد والبرق والصواعق ، ونحن نعلم أن خطر الصاعقة
__________________
(١) يونس ، ٥.
(٢) نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٣٦.