والتنظيمات الاجتماعية من أولى ضروريات الحياة البشرية ، كما أن اتّباع الأنبياء وأئمّة الدين من الواجبات الحتمية للمتدينين.
من هنا فالعبادة لا تعني كل ذلك ، بل هي الحدّ الأعلى للخضوع والتواضع المعبّرين عن الارتباط المطلق والتسليم بلا منازع للمعبود ، وإيكال كل عواقب الأمور إليه.
وهل في طلب الشفاعة من الشفعاء أثر من الآثار المذكورة للعبادة.
أمّا بشأن النهي عن دعوة أحد سوى الله ، فلا يعني النهي عن نداء الأفراد ، كأن نقول يا عليّ ويا حسن ويا أحمد ، ولا يعني النهي عن الاستعانة بالأفراد ، لأن التعاون أحد الأركان الأساسية للحياة الاجتماعية وقد عمل به الأنبياء والأولياء كافة ، ولم يرفضه الوهابيون أنفسهم.
أمّا الأمر الذي يمكن الاعتراض عليه فهو ما أوضحه «ابن تيمية» في رسالة «زيارة القبور» إذ قال ما حاصله : «مطلوب العبد إن كان ممّا لا يقدر عليه إلّا الله فسائله من المخلوق مشرك من جنس عباد الملائكة والتماثيل ومن اتّخذ المسيح وأمه إلهين ، مثل أن يقول لمخلوق حي أو ميت : اغفر ذنبي أو انصرني على عدوي أو اشف مريضي أو عافني أو عاف أهلي أو دابتي ، أو يطلب منه وفاء دينه من غير جهة معينة أو غير ذلك.
وإن كان ممّا يقدر عليه العبد فيجوز طلبه منه في حال دون حال ، فان مسألة المخلوق قد تكون جائزة وقد تكون منهيا عنها قال الله تعالى : (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلىرَبِّكَ فَارْغَبْ) وأوصى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ابن عباس : إذا سألت فاسئل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله. وأوصى طائفة من أصحابه أن لا يسألوا النّاس شيئا ، فكان سوط أحدهم يسقط من كفه فلا يقول لأحد ناولني إياه. وقال : فهذه المنهي