ومن ذلك قولهم : عليك زيدا ، إنّ معناه خذ زيدا. وهو ـ لعمري ـ كذلك ، إلا أن زيدا إنما هو منصوب بنفس عليك من حيث كان اسما لفعل متعدّ ، لا أنه منصوب بخذ.
أفلا ترى إلى فرق ما بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى. فإذا مرّ بك شيء من هذا عن أصحابنا فاحفظ نفسك منه ، ولا تسترسل إليه ، فإن أمكنك أن يكون تقدير الإعراب على سمت تفسير المعنى فهو ما لا غاية وراءه ، وإن كان تقدير الإعراب مخالفا لتفسير المعنى تقبّلت تفسير المعنى على ما هو عليه ، وصحّحت طريق الإعراب ، حتى لا يشذّ شيء منها عليك ، وإياك أن تسترسل فتفسد ما تؤثر إصلاحه. ألا تراك تفسّر نحو قولهم : ضربت زيدا سوطا ، أنّ معناه ضربت زيدا ضربة بسوط؟ فهو لا شكّ كذلك ، ولكن طريق إعرابه أنه على حذف المضاف ، أي : ضربته ضربة سوط ، ثم حذفت الضربة. ولو ذهبت تتأوّل ضربته سوطا على أنّ تقدير إعرابه ضربة بسوط ، كما أنّ معناه كذلك للزمك أن تقدّر أنك حذفت الباء ، كما تحذف حرف الجرّ في نحو قوله : [البسيط]
٣٢٦ ـ أمرتك الخير [فافعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال وذا نشب] |
[البسيط] :
٣٢٧ ـ أستغفر الله ذنبا [لست محصيه |
|
ربّ العباد إليه الوجه والعمل] |
فتحتاج إلى اعتذار من حذف حرف الجرّ ، وقد غنيت عن ذلك كله بقولك : إنه على حذف المضاف ، أي ضربة سوط ، ومعناه ضربة بسوط. فهذا ـ لعمري ـ معناه ، فأمّا طريق إعرابه وتقديره فحذف المضاف ، انتهى.
وقال ابن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : قالوا : لا أفعل هذا بذي تسلم. قال
__________________
٣٢٦ ـ الشاهد لعمرو بن معد يكرب في ديوانه (ص ٦٣) ، والكتاب (١ / ٧٢) ، وخزانة الأدب (٩ / ١٢٤) ، والدرر (٥ / ١٨٦) ، وشرح شواهد المغني (ص ٧٢٧) ، ومغني اللبيب (ص ٣١٥) ، ولخفاف بن ندبة في ديوانه (ص ١٢٦) ، وللعباس بن مرداس في ديوانه (ص ١٣١) ، ولأعشى طرود في المؤتلف والمختلف (ص ١٧) ، ولخفاف بن ندبة أو للعباس بن مرداس في شرح أبيات سيبويه (١ / ٢٥٠) ، وبلا نسبة في شرح المفصّل (٨ / ٥٠) ، وكتاب اللامات (ص ١٣٩) ، والمحتسب (١ / ٥١) ، والمقتضب (٢ / ٣٦).
٣٢٧ ـ الشاهد بلا نسبة في الكتاب (١ / ٧١) ، وأدب الكاتب (ص ٥٢٤) ، وأوضح المسالك (٢ / ٢٨٣) ، وتخليص الشواهد (ص ٤٠٥) ، وخزانة الأدب (٣ / ١١١) ، والدرر (٥ / ١٨٦) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٤٢٠) ، وشرح التصريح (١ / ٣٩٤) ، وشرح المفصّل (٧ / ٦٣) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٢٢٦) ، والمقتضب (٢ / ٣٢١) ، وهمع الهوامع (٢ / ٨٢).