عليّ بذلك آية من كتابه (١) : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) وعليّ بن أبي طالب أقام الصّلاة وآتى الزّكاة وهو راكع ، يريد الله ـ عزّ وجلّ ـ في كلّ حال.
وسألت جبرئيل ـ عليه السّلام ـ أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم ـ أيّها النّاس ـ لعلمي بقلّة المتّقين ، وكثرة المنافقين ، وإدغال الآثمين ، وختل المستهزئين بالإسلام. الّذين وصفهم الله في كتابه ، بأنّهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم. وكثرة أذاهم لي في غير مرّة حتّى سمّوني : أذنا.
وزعموا أنّي كذلك لكثرة ملازمته إيّاي وإقبالي عليه ، حتّى أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ في ذلك قرآنا (٢) : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ) على الّذين يزعمون أنّه أذن (خَيْرٌ لَكُمْ). (الآية) ولو شئت أن أسمّي بأسمائهم لسمّيت ، وأن أومئ إليهم بأعيانهم لأومأت ، وأن أدلّ عليهم لدللت. ولكنّي ـ والله ـ في أمورهم قد تكرّمت. وكلّ ذلك لا يرضى الله منّي إلّا أن أبلغ ما أنزل إليّ. ثمّ تلا ـ عليه السّلام ـ : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) ـ في علي ـ (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
فاعلموا معاشر النّاس ، أنّ الله قد نصّبه لكم وليّا وإماما. مفترضا طاعته ، على المهاجرين والأنصار ، وعلى التّابعين لهم بإحسان ، وعلى البادي والحاضر ، وعلى الأعجميّ والعربيّ والحر والمملوك والصّغير والكبير ، وعلى الأبيض والأسود ، وعلى كلّ موحّد ماض حكمه جائز قوله نافذ أمره. ملعون من خالفه ، مرحوم من تبعه. ومن صدّقه (٣) فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له.
معاشر النّاس ، إنّه آخر مقام أقومه في هذا المشهد. فاسمعوا وأطيعوا ، وانقادوا لأمر ربّكم. فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ هو ربّكم ووليّكم (٤) وإلهكم ، ثمّ من دونه محمّد
__________________
(١) المائدة / ٥٥.
(٢) التوبة / ٦١.
(٣) المصدر : «مؤمن من صدّقه» بدل «ومن صدّقه.»
(٤) المصدر : «مولاكم» بدل «ربّكم ووليّكم.»