.................................................................................................
______________________________________________________
ويرد عليهم ثانياً : أنّ الحكم بزوالها عند عروض ما ينافيها من معصيةٍ أو خلاف مروءة ورجوعها بمجرّد التوبة ينافي كونها ملكة. قال المحقّق في «الشرائع» : وفي اشتراط إصلاح العمل زيادة عن التوبة تردّد ، والأقرب الاكتفاء بالاستمرار ، لأنّ البقاء على التوبة إصلاح ولو ساعة (١). ونحوه قال المصنّف في شهادات الكتاب ، قال : ولا يشترط في إصلاح العمل أكثر من الاستمرار على رأي (٢). ونحو ذلك قال الشهيد في «دروسه (٣) وقواعده (٤)» ففي الأوّل الاستمرار على التوبة إصلاح للعمل ، وفي الثاني الأظهر أنه لا بدّ من الاستبراء ولا تقدير لتلك المدّة ، إذ المعتبر ظنّ صدقه في توبته وهو يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال المستفادة من القرائن ، على أنّ بعض الذنوب يكفي في التوبة منها تركها المجرّد من غير استبراء كمن عرض عليه القضاء مع وجوبه فامتنع ثمّ عاد.
والحاصل : أنّ المذاهب في التوبة ثلاثة :
الأوّل : الاكتفاء بتكرار ظهور التوبة ومجرّد استمرار ما على التوبة.
والثاني : اعتبار إصلاح العمل وأنه يكفي في ذلك عمل صالح ولو ذكر أو تسبيح.
الثالث : عدم الاكتفاء بمجرّد إظهار التوبة ، بل لا بدّ من الاختبار مدّة يغلب معه الظنّ بأنّه أصلح سريرته وأنه صادق في توبته. ولعلّ هذا هو الأشهر عندهم. واكتفى الشيخ في «المبسوط (٥)» في قبول الشهادة بإظهار التوبة عقيب قول الحاكم : تب أقبل شهادتك. وهو الّذي يعطيه كلام «السرائر (٦)» في الجواب عمّا أورد عليهم في قولهم «إنّ المعاصي كلّها كبائر» كما ستعرف ذلك. واعتبار إصلاح
__________________
(١) شرائع الإسلام : في صفات الشاهد ج ٤ ص ١٢٨.
(٢) قواعد الأحكام : في الشهادات ج ٣ ص ٤٩٤.
(٣) الدروس الشرعية : في ما يعتبر في الشاهد ج ٢ ص ١٢٦.
(٤) القواعد والفوائد : فائدة في التوبة ج ١ ص ٢٢٨.
(٥) المبسوط : في التوبة الحكمية ج ٨ ص ١٧٩.
(٦) السرائر : في اشتراط العدالة في الشاهد ج ٢ ص ١١٨.