.................................................................................................
______________________________________________________
بين حمل فعل المسلم على الصحّة وبين العدالة كما مرَّ في أول البحث. وأقعد ما يستدلّ لهم به من الأخبار خبر ابن أبي يعفور (١) فإنّه أشدّ ما ورد في أمر العدالة.
ويرد عليهم أوّلاً : ما ذكره في «مصابيح الظلام (٢)» من أنّ حصول الملكة بالنسبة إلى كلّ المعاصي بمعنى صعوبة الصدور لا استحالته ربّما يكون نادراً بالنسبة إلى نادر من الناس إن فرض وتحقّق ، ومعلوم العدالة ممّا تعمّ به البلوى وتكثر إليه الحاجات في المعاملات والإيقاعات والعبادات ، فلو كان الأمر كما يقولون للزم الحرج واختلّ النظام ، مع أنّ القطع حاصل بأنه في زمان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام ما كان الأمر على هذا النهج ، بل تتبّع الأخبار الكثيرة يحصل القطع بأنّ الأمر لم يكن كما ذكروه في الشاهد ولا في إمام الجماعة. ويؤيّده ما ورد في أنّ إمام الصلاة إذا أحدث أو حصل له مانع آخر أخذ بيد آخر وأقامه مقامه (٣) ، انتهى.
وقال السيّد صدر الدين (٤) : لا ريب في كون الملكة عدالة ، لأنّها قوّة تنشأ من ثلاث اعتدالات : الحكمة والعفّة والشجاعة ، وهذه الصفة المجيدة المتولّدة من هذه الصفات الحميدة لا تحصل إلّا للأوحدي الّذي لا يسمح الدهر بمثله إلّا نادراً مع شدّة الحاجة إلى العدل من سكّان البرّ والبحر وإن قلّوا. ودعوى أنّ الشارع وإن اعتبر هذه الملكة لكنّه جعل حُسن الظاهر مع عدم عثور الحاكم أو المأموم على ما ينافيها دليلاً عليها وذلك غير عزيز ، قاضية بانتفاء ثمرة النزاع ، لاتفاقهم على اشتراط حُسن الظاهر ، موجبة للعبث في هذا الاعتبار من الشارع والعياذ بالله ، أعني اعتبار ثبوت هذه الملكة أوّلاً والاكتفاء بالاستدلال على ثبوتها بحُسن الظاهر ، وأيّ فائدة في ذلك إلّا أن يقال : إنّ الشأن فيها كسائر الملكات تعرف بآثارها ، فتأمّل.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٤١ من أبواب الشهادات ح ١ ج ١٨ ص ٢٨٨
(٢) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٩٦ س ١٧ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).
(٣) وسائل الشيعة : باب ٧٢ من أبواب صلاة الجماعة ج ٥ ص ٤٧٤.
(٤) شرح الوافية : القول في تعريف العدالة ص ٧٩ س ٧ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٦٥٦).