.................................................................................................
______________________________________________________
الصغائر متعذّر أو متعسّر. وأنت خبير بأنّ هذا مشترك الإلزام ، على أنّا نمنع التعذّر فضلاً عن التعسّر (١) ، وقد نقل مولانا ملّا عبد الله في «شرح التهذيب (٢)» عن والده ملّا محمّد تقي أنه قال : إنّه منذ أربعين سنة أو ثلاثين لم يفعل إلّا راجحاً ، والترديد منّي لأنه لم يحضر الشرح المذكور الآن ، فما ظنّك بالعزم على ترك الصغيرة.
واجيب أيضاً بأنّ العدل عند هؤلاء من اجتنب الأكبر ولم يصرّ على الأصغر ، بمعنى أنه إذا عنّ له معصيتان إحداهما أكبر من الاخرى اجتنب الكبرى وأخذ بالصغرى لكن من غير إصرار (٣) ، وقد ضعّفه جماعة (٤).
وأجاب في «الذخيرة (٥)» بما حاصله : أنّ كلّ ذنب عندهم لا يقدح في العدالة ، بل ما عظم منه كالقتل والزنا ، كما أنه عند أصحاب القول الآخر كذلك ، وأمّا غير العظيم فلا يقدح إلّا مع الإكثار والإصرار وإن اشترك الكلّ في كونه كبيرة ببعض الاعتبارات ، أو أنّ القادح إنّما هو ارتكاب الذنوب بحيث يخرج عن سمت الورع والتقوى عرفاً ، وهذا يختلف بحسب الأحوال وأنواع المعاصي ، فربّ نوع يقدح فيه الواحد وربّ نوع لا يقدح فيه الآحاد وإن كثرت كالمعاصي الّتي تقع في الناس غالباً ولا ينجو منها إلّا البالغون في التقوى ، أو أنّ القادح هو التظاهر وعدم المبالاة والإكثار بحيث لا تظهر عليه آثار التقوى والورع.
قلت : وأنت خبير بأنه لا يبقى للنزاع على هذا ثمرة ويعود لفظيّاً ، على أنه حكم عليهم بغير ما يرضون.
__________________
(١) الرادّ هو العلّامة في مختلف الشيعة : في الشهادات ج ٨ ص ٤٨٤.
(٢) لم نعثر على هذا الشرح ولا وقفنا على من رآه إلّا الطهراني في الذريعة : ج ١٣ ص ١٥٧ فإنّه نقل عن الرياض أنه رآه في مشهد خراسان ولا يخلو من فوائد ، ولعلّه يكون موجوداً في خزانة المكتبة الرضوية.
(٣) ذكر هذا الجواب الفاضل المقداد في كنز العرفان : في معنى العدالة ج ٢ ص ٣٨٥.
(٤) منهم الشيخ البهائي في كتاب الأربعين : في تعريف العدالة ص ٣٨٣ ، والبحراني في الحدائق الناضرة : في صلاة الجمعة ج ١٠ ص ٥٥.
(٥) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٣ س ٤٠ وما بعده.