.................................................................................................
______________________________________________________
في أنّ الصغيرة ذنب يستحقّ عليه العقاب ، فلو كان المراد ذلك اتجه قول مَن قال إنّ كلّ ذنب كبيرة (١) ، تأمّل جيّداً.
وقيل : إنّه كلّ ذنب رتّب عليه الشارع حدّاً أو صرّح فيه بالوعيد (٢). وقيل : هي كلّ معصية تؤذن بقلّة اكتراث فاعلها بالدين (٣). وقيل : كلّ ذنب علمت حرمته بدليل قاطع (٤). وقيل : كلّما توعّد عليه توعّداً شديداً في الكتاب أو السنّة (٥).
والمعتزلة على أنّ الكبير ما زاد عقابه عن ثواب صاحبه والصغير ما نقص ، لقولهم بالإحباط والتخليد على الكبير (٦). وقال بعضهم (٧) : إن أردت الفرق بين الصغيرة والكبيرة فأعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها ، فإن نقصت عن أقلّ مفاسدها فهي من الصغائر وإلّا فمن الكبائر ، مثلاً حبس المحصنة للزنا فيها أعظم من مفسدة القذف مع أنهم لم يعدّوه من الكبائر ، وكذا دلالة الكفّار على عورات المسلمين ، ونحو ذلك ممّا يفضي إلى القتل والسبي والنهب فإنّ مفسدته أعظم من مفسدة الفرار من الزحف. ومنه يخرج الوجه في كلام ابن عباس هي إلى السبعمائة أقرب منها إلى السبع (٨).
وقال شيخنا أدام الله تعالى حراسته : الكبيرة ما عدّه أهل الشرع كبيراً عظيماً وإن لم يكن كذلك في نفسه كسرقة ثوب ممّن لا يجد غيره مع الحاجة ، والصغيرة ما لم يعدّوه كسرقته ممّن يجد (٩) ، انتهى. وهو قريب ممّا تقدّمه ، وقد يلزم أنّ سارق الرغيف ممّن لا يجد غيره كبيرة وسارق الدرهم من مال اليتيم المالك ألف ألف دينار صغيرة ، فليتأمّل.
__________________
(١ ـ ٧) ذكرت هذه الأقوال في الحدائق الناضرة في صلاة الجمعة ج ١٠ ص ٤٦ ، ومجمع البيان : ج ٣ ص ٣٨ ، والتفسير الكبير : ج ١٠ ص ٧٣ ٧٨ ، وتفسير الطبري : ج ٥ ص ٢٤ ٢٩.
(٨) راجع مجمع البيان : ج ٣ ص ٣٩ ، وتفسير الطبري : ج ٥ ص ٢٧.
(٩) لم نعثر على هذه العبارة في أثره القيّم كشف الغطاء وليس بأيدينا من آثاره الفقهية غيرها ، نعم ذكر في كشف الغطاء : في صلاة الجماعة في بيان العدالة ص ٢٦٦ ٢٦٧ س ٣٣ ٣٦ ، وفي كتاب الجهاد في تقسيم المعاصي ص ٣٩٢ ٣٩٣ س ٣٤ وما بعده ما يقرب به مضموناً ، فراجع وتأمّل.