ففي جوازه نظر من صدق استيفاء النفس بالنفس (١) وزيادة الاستيفاء (٢) وبقاء حرمة الآدمي بعد موته (٣) ، واستقرب في القواعد المنع.
(ولا يجوز التمثيل به) أي بالجاني بأن يقطع بعض أعضائه(ولو كانت جنايته تمثيلا أو) وقعت(بالتغريق والتحريق والمثقل) بل يستوفى جميع ذلك بالسيف.
وقال ابن الجنيد : يجوز قتله بمثل القتلة التي قتل بها ، لقوله تعالى : (بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ) (٤) وهو متجه لو لا الاتفاق على خلافه.
(نعم قد قيل) والقائل الشيخ في النهاية وأكثر المتأخرين : أنه مع جمع الجاني بين التمثيل بقطع شيء من أعضائه وقتله(يقتص) الولي منه(في الطرف ، ثم يقتص في النفس إن كان الجاني فعل ذلك بضربات) متعددة ، لأن ذلك بمنزلة جنايات متعددة (٥) وقد وجب القصاص بالجناية الأولى ، فيستصحب ، ولرواية محمد بن قيس عن أحدهما عليهماالسلام (٦) ، ولو فعل ذلك بضربة واحدة لم يكن عليه
______________________________________________________
ـ غرّقناه) (١) وفي نبوي آخر كذلك : (أن يهوديا رضخ رأس جارية بالحجارة ، فأمر صلىاللهعليهوآلهوسلم فرضخ رأسه بالحجارة) (٢) ، ولأن القصاص للتشفي ولا يحصل إلّا إذا قتل القاتل بمثل ما قتل به ، والأول أولى لقوة أدلته بعد كون النبويين لا يقاومان أخبارنا المروية عن أئمتنا عليهمالسلام ، وأما كون القصاص للتشفي إلى آخر ما ذكره فإنه استحسان محض والآية مخصصة بالأخبار الحاصرة للقتل بالسيف.
(١) دليل جواز قطع رأس الجاني وإن لم يقطع رأس المجني عليه.
(٢) دليل العدم ، لأن الزيادة محرمة.
(٣) دليل ثان لعدم الجواز ، وحاصله أن الزيادة مثلة لبقاء حرمة الآدمي بعد موته ، وفي أدلة العدم ضعف لأن النصوص السابقة قد حصرت القصاص بالسيف ، والمتبادر منه هو ضرب العنق وإن لم يكن بمثل ما قتل به الجاني.
(٤) سورة البقرة : الآية ١٩٤.
(٥) قد تقدم أن مع تعدد الضربات تتعدد الجنايات عرفا ، ويكون لكل جناية حكمها.
(٦) (في رجل فقأ عين رجل وقطع أنفه وأذنيه ثم قتله ، فقال : إن كان فرّق ذلك اقتص منه ـ
__________________
(١ و ٢) سنن البيهقي ج ٨ ، ص ٤٣ ـ ٤٢.