إذ لا طريق إلى البينة ، ولا إلى الامتحان. وإنما نسبه إلى القول ، لعدم دليل عليه مع أصالة البراءة ، وكون حلف المدعي خلاف الأصل وإنما مقتضاه حلف المدعى عليه على البراءة.
(ولو قطع الأنف فذهب الشم فديتان) (١) إحداهما للأنف ، والأخرى للشم ، لأن الأنف ليس محل القوة الشامة فإنها منبثة في زائدتي مقدم الدماغ المشبهتين بحلمتي الثدي تدرك ما يلاقيها من الروائح ، والأنف طريق للهواء الواصل إليها.
ومثله قوة السمع ، فإنها مودعة في العصب المفروش في مقعر الصماخ يدرك ما يؤدي إليها الهواء فلا تدخل دية إحداهما في الأخرى.
(الخامس ـ الذوق (٢) قيل) والقائل العلّامة قاطعا به وجماعة : (فيه الدية) كغيره من الحواس ، ولدخوله في عموم قولهم عليهالسلام : كل ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية ، ونسبه إلى القيل ، لعدم دليل عليه بخصوصه ، والشك في الدليل العام فإنه كما تقدم مقطوع (٣) (ويرجع فيه (٤) عقيب الجناية) التي يحتمل إتلافها له(إلى دعواه مع الأيمان) البالغة مقدار القسامة (٥) ، لتعذر إقامة البينة
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيه كالسمع والأذن لأن الأصل عدم التداخل بعد أن كانا جنايتين ذاتا ومحلا لأن الشم ليس في الأنف بل في الدماغ.
(٢) قال في الجواهر ـ ولقد أجاد ـ : «ويمكن أن يقال فيه الدية لقولهم عليهمالسلام : كل ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية ، بل جزم به الحلي وابن حمزة ويحيى بن سعيد والفاضل على ما حكي عن بعضهم ، لكن قد يشكل بما أسلفناه سابقا من تبادر العضو الواحد منه لا المنفعة ، والأصل البراءة ، فيتجه حينئذ فيه الحكومة ، وعلى كل حال فيرجع فيه عقيب الجناية التي يترتب عليها مثله غالبا إلى دعوى المجني عليه مع الاستظهار بالأيمان كما صرح به الفاضل وغيره لأنه من اللوث فيجري عليه حكمه ، نعم لو لم يكن ثمة لوث لعدم أمارة تقتضيه ، ولا أمكن امتحانه بالأشياء المرة جدا كان القول قول الجاني في إنكاره للأصل ، ومع تحقق النقصان يقضي الحاكم بما يحسم المنازعة تقريبا ، لعدم تقدير له شرعا ، وعدم إمكان معرفة النسبة فيه).
(٣) وفيه : إنه صحيح السند لكن هو ظاهر في الأعضاء لا في المنافع.
(٤) في الذوق.
(٥) وهي الخمسين ، وهذا لا دليل له ظاهرا نعم من الممكن تقسيم القسامة على الأجزاء الستة الواردة في المنافع كما تقدم في البصر لخبري يونس وابن فضال.