(أَوَّاهٌ) كثير التأوّه لما يحيط به أو يشاهده من السوء ، وهو كناية عن تأثّره بذلك وانفعاله بآلام الآخرين ، (مُنِيبٌ) إلى الله في كل أموره ، فلا يعترض على الله في شيء ، ولكنه يتشفّع ويتوسّل ويرجو ، في ما لم يعلم فيه حتميّة القضاء والإرادة.
ولم يكن إبراهيم يعرف حدود المسألة ووصولها إلى الحسم الذي لا مردّ له ، لأن القوم لم يتركوا أيّ مجال للرحمة ، فقد استنفد لوط معهم كل الوسائل دون جدوى ، فازدادوا تمرّدا وطغيانا ، ولذلك أعلن الله له على لسان ملائكته المنزلين : (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) ولا ترهق نفسك بالتفكير أو التدخل فيه ، (إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) الذي لا مردّ له ، (وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) فلا مدفع له ، ولا مجال معه ، لجدال مجادل ، أو شفاعة شافع. وسكت إبراهيم ، لأنه لا يريد إلا ما يريده الله ، فما دام الله قد أراد عذابهم ، فليكن ذلك عن رضى وقناعة وإيمان.
* * *