وخططهم العملية ، والخضوع لعمليات الإذلال للمؤمنين والمستضعفين التي يمارسونها ، ومشاركتهم في التحرك السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يقومون به ، لأن ذلك يؤدي إلى تعزيز قواعد الظلم في الأمة على مستوى التشريع والتنفيذ ، فإن قوة الظلم تكبر وتنمو بانضمام أفراد من الأمة للظالم الذي يستفيد من ذلك لدعم حكمه وظلمه ، ولذلك فلا بد من دراسة الخطوات الإيجابية التي يتحرك بها الناس مع الحكم الظالم ، تحت ضغط الظروف الذاتية أو الخارجية الطارئة ، وذلك بالتدقيق في تأثير تلك الخطوات على واقع الظلم ، ومدى تقويتها للحكم والحاكم ، سواء كان الوصول إلى تلك النتائج مقصودا من قبلهم أم لم يكن مقصودا ، لأن العبرة في مثل هذه الأمور النتائج لا النوايا.
وعلى ضوء هذا ، فإن التعامل مع الظالم في المجالات العامة والخاصة استجابة لمطالب التعايش ، أو العيش المشترك ، يخضع في شرعيته وعدم شرعيته للطبيعة العملية للنتائج الواقعية الإيجابية لمصلحته ، فقد يختلف باختلاف الظروف ، في تأثيرها الإيجابي أو السلبي على الواقع ، وقد يختلف باختلاف الشكل ، أو النية للتعامل أو العلاقة ، مما يفرض على الناس ملاحظته بدقّة وحذر ، لئلا يتحوّل ذلك إلى حالة ركون للظالم واستسلام له ، من حيث يريد الناس أو لا يريدون ، فيتعرضون لعقاب الله من حيث لا يشعرون ، (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) جزاء لهذا العمل السيّئ الذي يفسد حياة البلاد والعباد ، في الحاضر والمستقبل ، بإفساح المجال للظلم أن يقوى وينتشر ، وللظالم أن يبسط سلطته على المستضعفين ، (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) ، في ما يمكن الاستعانة به من القوى المحيطة بالإنسان من أهله وذوي قرباه ، أو من أصدقائه ، (ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) لأنهم لا يملكون أيّة قوّة أمام الله ، خالق القوّة للحياة كلها ، فكيف يمكن أن تقف تلك القوى أمامه؟ ...
* * *