وستعرفون من خلال ذلك صدق وعيد الله لكم بالعذاب ، (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) ذلك لأننا آمنا به لإيماننا بالرسول.
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بما يعلمه من شؤون خلقه وأعمال عباده ، وهو المسيطر على ذلك ، فلا مهرب لأحد منه ، ولا ملجأ إلّا عنده ، لأن إرادته هي التي تحيط بكل شيء ، وتصنع كل شيء ، وتتدخل في كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة ، (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) وليس لأحد معه شيء ، فهو الواحد في ألوهيته ، وهو المستحق للعبادة ، (فَاعْبُدْهُ) ولا تعبد غيره ، (وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) في كل أمورك ، فلا تخف من أشباح الغيب التي يمكن أن يواجهك بها المجهول ، الذي لا تملك أمره قدرة واختيارا ، وتقدّم إلى حياتك ورسالتك بقوّة وثبات ، فإن الله يكفي المتوكلين عليه من كل شر ، (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) فلا تغفلوا عن مراقبته ، في كل عمل ، لتخلصوا له وتطيعوه ، فلا يصدنّكم الشيطان عن ذلك بوسوسته وتثبيطه ، وكيده وحبائله وغروره ، فيبعدكم عن الله ، ويصرفكم عن الحق من حيث لا تشعرون ، وتلك هي الرقابة الداخلية التي يريد القرآن إثارتها في وعي الإنسان ، فيشعر بالحضور الإلهيّ في كل أموره وأعماله ، فينضبط في موقع المسؤولية ، ويثبت في مواقف الاهتزاز ، لتحصل له العصمة من ربّه ، في ما يرحم به عباده ، وفي ما يفيضه عليهم من لطفه ورضوانه ، إنه أرحم الراحمين.
* * *