غير العادي من أبيهم ليوسف ، وهكذا كانت الفكرة الشريرة خاضعة للحالة النفسية المعقدة التي نفذ الوسواس الشيطاني منها إليهم ، ليوحي لهم بارتكاب الجريمة أوّلا ، ثم بالتوبة ، وهذا هو دأب الأسلوب الشيطاني في مواجهة لحظة الخوف الإنساني من الله عند ما يهم الإنسان بارتكاب ما يخالف أمره ، إذ يعجل المعصية للإنسان ، ويمنيه بالتوبة ، ثم يدفعه إلى التسويف فيها بعد ذلك ، وهكذا قال بعضهم الآخر ، إن عليكم ان تقوموا بهذه الجريمة ، وتتوبوا إلى الله بعدها ، (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) في ما تقومون به من أعمال صالحة ، وعبادات خالصة.
وربّما كان بعضهم يكنّ عاطفة لأخيه ، ولكن بالمستوى الذي يبعد عنه فكرة الموت بيد إخوته ، فاقترح اقتراحا معينا في هذا الاتجاه ، (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) أي في أعماق البئر التي لا تغرق من يقذف فيها ، لقلة ما تحتويه من الماء ، (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ) من القوافل السائرة على طريق البئر ، فيكتشفونه عند ما يريدون الاستقاء منها ، فيأخذونه ويبيعونه ، فيضيع في البلاد النائية ، ويفقد بالعبودية حرية الحركة. فهذا هو الحل الذي يحقق الخلاص من يوسف ، ويمنعنا من القيام بجريمة قتله ، فابدءوا بالتخطيط العملي لذلك ، (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) ومصرّين على تصميمكم في إبعاد يوسف عن أنظار أبيه.
* * *