أسلوب مواجهته لها بالاتهام بعد ذلك ، وهكذا حاولت الإيحاء بأن مسألة إدانة يوسف بمحاولة الاعتداء عليها ، أمر مفروغ منه ، لا يحتاج إلى المناقشة أو الإثبات ، لأن الموقف أبلغ شاهد على ذلك ، ولهذا كان حديثها مع زوجها في نوعية العقوبة التي يستحقها كجزاء على ذلك ، (قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وهكذا حدّدت له طرفي الاحتمال في ما يختاره من العقوبة.
(قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) ولكنه دفاع ضعيف لا يخضع لطبيعة الفكرة الشائعة عند الناس التي تجعل المرأة في موقف الضعف ، في هذا الجانب ، بينما يقف الرجل في موقف العدوانية عليها ، إلا أن هناك عنصرا جديدا يتدخل ليقوّي موقف يوسف بشهادة لا تحدّد طبيعة ما حدث بشكل مباشر ، ولكنها تضع أمام العزيز ـ الزوج ـ أساس الحكم في المسألة ، بطريقة لا تقبل الشكّ ، لأنها تتناسب وطبيعة الأشياء.
(وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) مما يجعله في مستوى الثقة ، لأنه لا يتصل بيوسف من قريب أو من بعيد ، لتكون شهادته له موضع شبهة : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ) لأن من المفروض في الرجل الذي يعتدي على المرأة جنسيا ، أن يواجهها بالهجوم ، وجها لوجه ، كما يفترض بالمرأة التي تدافع عن نفسها ، في هذه الحال ، أن توجه ضرباتها إليه في وجهه ، وأن تمزّق قميصه لجهة الصدر ، (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) لأن المرأة عند ما تريد الضغط على الرجل الذي يرفض مراودتها له ، لا بد لها من ملاحقته وهو يهرب منها ، مما يؤدي إلى تمزيق الثوب ويكون ذلك من الخلف ، تبعا لموقعها منه ، وموقعه منها ، في عملية الملاحقة ، وبهذا تكون دعواها كاذبة في الحديث عن مبادرته بالعدوان عليها.
واقتنع العزيز بهذه الملاحظة لأنها قريبة لمنطق الأشياء ، (فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ) صدّق يوسف بأنها راودته عن نفسه ، والتفت إليها في موقف