المنطق الفردي في تقييم الأمور ، بعيدا عن المنطق الجماعي الذي يربط بين حركة الفرد ، وبين النتائج السلبية أو الإيجابية على قضية الأمة والرسالة.
ولعلّ يوسف قد أطلق هذا النداء الحي من أعماق روحه عند ما وجد إرادته في موقع يتهددها بالسقوط ، فصرخ في ابتهال المؤمن أمام ربّه ، ليستعين بالله استمدادا للقوّة الكفيلة بكبح المشاعر لمصلحة الإيمان.
وهذا ما تفرضه حاجة الرسالة إلى المواقف الثابتة على خط التضحية والإيمان ، بدلا من الكلمات الاستعراضية التي لا تحقق سوى الضوضاء التي تضيع في الهواء.
ولعله من الضروري ، لبناء هذه الشخصية ، التأكيد على تشكيل خطّة تربويّة متكاملة ، تشمل جانب الفكر والروح والشعور ، من خلال الكلمة الموحية ، والجوّ الروحي ، والقدوة الحسنة ، فإن تأسيس عمق الإحساس الداخلي بالرفض والقبول أمام ما يمكن أن يتعرض له المسلم سلبا أو إيجابا ، يجعل من عملية الرفض والقبول تلك عملا روحيّا يراقب فيه ربّه ، في روحانية وصفاء ، ويتمرّد معه ، على كل النوازع الذاتية والعوامل الخارجية ، التي تحاول الانحراف به عن الخط المستقيم ، فيعيش حالة السموّ في أخلاقيته بالمستوى الذي يجعله منسجما مع إيمانه ورساليته نظريا وعمليا. وهذا ما يحفظ لنا المسيرة الإسلامية التي يواجه فيها الإسلام كل تحديات الكفر والضلال التي تضغط على الفكر والشعور والحركة ، مما يفرض على المؤمنين الحصول على القوّة الروحية التي تدفعهم إلى التضحية على كل الأصعدة ، والانطلاق من زوايا الحاضر نحو المستقبل الرحب ، الذي تصنعه الآلام الكبيرة لخدمة القضايا الكبيرة.
* * *