كله ، وقد يمنح البعض القليل من ذلك ، وربما لا يستطيع الإنسان الجزم دائما بأن هناك قواعد ثابتة لمعرفة طبيعة الرمز وعلاقته بالواقع ، على الشكل المطلق ، فقد تختلف القضية حسب اختلاف الأجواء المحيطة بالرمز ودلالته من حيث الشخص والزمان والمكان ، في ما يتسع فيه الأمر لأكثر من احتمال ، ولكن هل معنى ذلك ، أن للمسألة بعدا كليا يفرض وجود حقيقة مع كل حلم ، أو أن للمسألة بعدا جزئيا في هذا المجال؟ فقد تكون بعض الأحلام ، ردّ فعل لحالة نفسيّة ، أو غذائية أو عمليّة ، أو استذكارا لأوضاع ماضية في حياته ، مما يجعلها صورة لما تختزنه النفس من مشاعر ، وأفكار وانفعالات ، أو لما يعيشه الجسد من حاجات.
ليس لدينا ما يؤكد الشمولية الكلية للمسألة ، بل قد نجد أن العكس هو الصحيح في ما نراه من عدم الصدق في الكثير من الأحلام ، وارتباط بعضها بالعوامل الذاتية الخاصة.
أما حول طبيعة القاعدة العملية التي تخضع لها الرؤيا وتصلح مقياسا لصدقها أو كذبها ، فإننا لم نقف لها على أساس ثابت ، بل ليس هناك سوى الحدس والتخمين ، أو التعليلات المنطلقة من إخضاع الإنسان لنظرية العامل الواحد ، كما نلاحظ في التعليل الذي يقدمه فرويد ، والذي يعطي الأحلام مداليل جنسية ، تتحوّل فيها رموز الأحلام إلى رموز للأعضاء التناسلية أو الحالات الجنسية وما إلى ذلك ، ارتكازا على نظريته. ولكن مثل هذه الاحتمالات أو النظريات لا ترتكز على أساس قطعيّ لها ، يجعلها في دائرة الحقيقة العلمية ، كما لا تنطلق من حجج علميّة مقنعة تجعلها في نطاق النظرية العلمية المعقولة ، ولهذا فإننا لا نستطيع الجزم بشيء من هذا القبيل ، تجاه ما نشاهده أو ينقل إلينا من أحلام ، إلّا من خلال النتائج التي نواجهها في المستقبل مما يتطابق مع صورة المنام ، أو نجدها في واقعنا الحاضر.