بعض النواحي. ولم نعرف ـ من خلال القرآن ـ نوعية هذه الحاجة بالتحديد ، لكن ربّما كانت حالة من الطمأنينة الداخلية التي أراد أن يعيشها في نفسه ، وربما كانت حاجته الملحة إلى رجوع يوسف إليه ، التي هيّأ الله له أسباب تحقيقها في سفر إخوته مع أخيهم غير الشقيق إليه ، الذي انتهى بلقاء يوسف وأخيه لأبيه وأمه ، وبذلك يكون الضمير في «قضاها» راجعا إلى الله ، لا إلى يعقوب ـ كما يذهب إلى ذلك بعض المفسرين ـ ، وربما كانت تلك الحاجة شيئا لا نعلمه ، مما قد يكون معلوما لدى يعقوب مما علّمه الله إياه من أسرار الغيب في ما يمكن أن نستوحيه من قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ). ولعلّ المراد به العلم الخاص الذي يلهم الله به الأنبياء أو يوحي به إليهم من علمه ، الذي لا يريد أن يبينوه ، بل يريد لهم أن يعيشوه ، ويكتفوا في تبيانه على طريقة الإشعار أو الإيحاء لمصلحة ما هناك. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) لأنهم يتعاملون في أمورهم من خلال الرؤية المحدودة للأشياء ، مما يحجب عنهم الكثير من الأسرار التي تختفي في غيب المستقبل ، أو في خلفيات الحاضر.
* * *