بما يحصلون عليه منها بالدراسة والتدريب والتفكير ، يمكن أن يقوموا بمثلها.
وقد أثار المفسرون عدة أسئلة في مقام التعليق على هذه الآية :
منها : عن سرّ التحدي بالقرآن ، هل هو في إطار البلاغة والفصاحة ، وإذا كان الأمر كذلك ، فما معنى تحدّي الآخرين من غير العرب في ذلك ، فإن عجزهم عنه ، لا يعني نفي قدرة البشر الذين يملكون المعرفة في هذا المجال ، وما معنى الحديث في آية أخرى ، عن عدم اختلاف آيات القرآن ، كأساس لإثبات أنه من الله (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء : ٨٢]؟؟ وعلى ضوء هذه المناقشة ، فإن بعض المفسرين يرى : أن التحدي «عام لكل ما يتضمنه القرآن الكريم من معارف حقيقية ، والحجج والبراهين الساطعة ، والمواعظ الحسنة ، والأخلاق الكريمة ، والشرائع الإلهية ، والأخبار الغيبيّة ، والفصاحة والبلاغة» (١).
ولكن من الممكن التحفظ على ذلك بأنّ التحدي إنما يكون بالمعجز الذي لا يستطيعه أحد ، بالوسائل التي يملكها الناس ، في ما يستعملونه لمثل هذه الأمور ، وهذا مما قد نستطيع الموافقة عليه في مجموع القرآن من خلال ضمّ بعضه إلى بعض ، في ما اشتمل عليه من أسرار الكون والحياة والإنسان والتشريع ، ومن قضايا الغيب ، بالإضافة إلى أسلوبه البليغ. ولكن كيف نستطيع الموافقة على ذلك في التحدي بالسورة ، أو بالسور العشر ، التي يمكن أن تكون مشتملة على معنى محدود ، لا يمثل شيئا من الأسرار الخفيّة أو المطالب العالية ، أو الأمور الغيبيّة ، أو العملية ، التي لم يكن الناس يملكون وسائلها ، أو التي يمكن للناس أن يصلوا إليها بدون وسائل ، كما هو الحال في عصر النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكيف يمكن أن نفهم التحدي والإعجاز في ذلك؟
من هنا يمكن القول ، بأن التحدي بالسورة أو بأكثر منها يوحي بأن الإعجاز لا بد أن يكون مشتركا بين السورة في حدودها ، وبين القرآن كله ،
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٠ ، ص : ١٥٧.