لا شريك لله الواحد الأحد
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) تزعمون أنه خلقه في عالم الغيب أو في عالم الحس ، وتعبدونه كما تعبدون الله لاعتقادكم بأنه ذو قدرة وسيطرة في سرّ الألوهية الكامنة في ذاته يستمدها من علاقة البنوّة التي تربطه بالله (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) لهذا الولد ، لأن من الطبيعي أن يعبد الإنسان ابن الله من خلال عبادته لله .. ولكن كيف تثبتون ذلك ..؟ وما هو دليلكم عليه؟ فإنني لا أجد لذلك أيّ أثر من حجة أو دليل ، ولذلك فإني أعبد الله وحده ، ولا أعبد غيره لأنه لا شريك له في الألوهية ولا في العبادة ، من ولد أو غيره (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) له من الولد ، فإذا كان الله رب هذا الكون كله ، في عالم الشهود والغيب ، لأنه بارئه بكل ما فيه من مخلوقات وموجودات ، فكيف يمكن أن يكون له ولد ، إذا كان كل من عداه مخلوقا له.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا) في ما يأخذون به من أسباب اللهو والعبث والخوض في الباطل ، مما يجعلهم غافلين عن مسألة المصير ، وما يمكن أن يلاقوه من نتائج سلبية تتصل بحياتهم المستقبلية في الآخرة ، ولذلك فإنهم لا يواجهون الموقف بالاهتمام الذي يستحقه ، بل باللّامبالاة والذهنية الفارغة من كل فكر ، اللاهية عن كل مصير. فدعهم لخوضهم ولعبهم ، ولا تتعقّد من ذلك ، وتابع دعوتك ورسالتك ، بعد أن أقمت عليهم الحجة ، ليستمروا في كل أوضاعهم (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) فيجدون هناك نتائج أعمالهم التي انحرفوا فيها عن الخط المستقيم الذي دعاهم الله إليه ودلّهم عليه.
* * *
إله السماء والأرض واحد
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) فهو المهيمن بألوهيته المطلقة على السماء ، كما هو مهيمن على الأرض كلها بألوهيته (وَهُوَ الْحَكِيمُ) الذي أدار الكون ودبّره بحكمته (الْعَلِيمُ) الذي أحاط بكل شيء فيه بعلمه ..